- الحديث الأول أخرجه أيضا الحرث بن وهب وأورده الحافظ في التلخيص وسكت عنه .
( وفي الباب ) عن جابر بن عتيك مرفوعا عند أبي داود بلفظ : ( سيأتيكم مبغضون فإذا أتوكم فرحبوا بهم وخلوا بينهم وبين ما يبتغون فإن عدلوا فلأنفسهم وإن ظلموا فعليها وأرضوهم فإن تمام زكاتكم رضاهم ) .
وعن سعد بن أبي وقاص عند الطبراني في الأوسط مرفوعا : ( ادفعوا إليهم ما صلوا الخمس ) .
وعن ابن عمر وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة وأبي سعيد عند سعيد بن منصور وابن أبي شيبة ( أن رجلا سألهم عن الدفع إلى السلطان فقالوا ادفعها إلى السلطان ) . وفي رواية ( أنه قال لهم هذا السلطان يفعل ما ترون فأدفع إليه زكاتي قالوا نعم ) . ورواه البيهقي عنهم وعن غيرهم أيضا وروى ابن أبي شيبة من طريق قزعة قال قلت لابن عمر أن لي مالا فإلى من أدفع زكاته قال ادفعها إلى هؤلاء القوم يعني الأمراء قلت إذا يتخذون بها ثيابا وطيبا قال وإن . وفي رواية أنه قال ادفعوا صدقة أموالكم إلى من ولاه الله أمركم فمن بر فلنفسه ومن أثم فعليها .
( وفي الباب ) أيضا عند البيهقي عن أبي بكر الصديق والمغيرة بن شعبة وعائشة وأخرج البيهقي أيضا عن ابن عمر بإسناد صحيح أنه قال : ( ادفعوها إليهم وإن شربوا الخمور ) وأخرج أيضا من حديث أبي هريرة ( إذا أتاك المصدق فأعطه صدقتك فإن اعتدى عليك فوله ظهرك ولا تلعنه وقل اللهم إني أحتسب عندك ما أخذ مني ) .
قوله ( أثرة ) بفتح الهمزة والثاء المثلثة هي اسم لاستئثار الرجل على أصحابه .
( والأحاديث ) المذكورة في الباب استدل بها الجمهور على جواز دفع الزكاة إلى سلاطين الجور وإجزائها وحكى المهدي في البحر عن العترة وأحد قولي الشافعي أنه لا يجوز دفع الزكاة إلى الظلمة ولا يجزئ واستدلوا بقوله تعالى { لا ينال عهدي الظالمين } ويجاب بأن هذه الآية على تسليم صحة الاستدلال بها على محل النزاع عمومها مخصص بالأحاديث المذكورة في الباب .
وقد زعم بعض المتأخرين أن الأدلة المذكورة تدل على مطلوب المجوزين لأنها في المصدق والنزاع في الوالي وهو غفلة عن حديث ابن مسعود وحديث وائل بن حجر المذكورين في الباب .
وقد حكى في التقرير عن أحمد بن عيسى والباقر مثل قول الجمهور وكذلك عن المنصور وابن مضر .
وقد استدل للمانعين أيضا بما رواه ابن أبي شيبة عن خيثمة قال ( سألت ابن عمر عن الزكاة فقال ادفعها إليهم ثم سألته بعد ذلك فقال لا تدفعها إليهم فإنهم قد أضاعوا الصلاة ) . وهذا مع كونه قول صحابي ولا حجة فيه ضعيف الإسناد لأنه من رواية جابر الجعفي .
ومن جملة ما احتج به صاحب البحر للقائلين بالجواز بأنها لم تزل تؤخذ كذلك ولا تعاد وبأن عليا لم يثن على من أعطى الخوارج وأجاب عن الأول بأنه ليس بإجماع وعن الثاني بأن ذلك كان لعذرا ومصلحة إذ لا تصريح بالإجزاء ولا يخفى ضعف هذا الجواب والحق ما ذهب إليه الجمهور من الجواز والإجزاء