- الأثر المروي عن عمر قال في مجمع الزوائد رجاله ثقات . قوله ( ليس على المسلم صدقة في عبده ولا فرسه ) قال ابن رشد أراد بذلك الجنس في الفرس والعبد لا الفرد الواحد اذ لا خلاف في ذلك في العبد المتصرف والفرس المعد للركوب ولا خلاف أيضا أنها لا تؤخذ من الرقاب وإنما قال بعض الكوفيين تؤخذ منها بالقيمة . وقال أبو حنيفة أنها تجب في الخيل إذا كانت ذكرانا وأناثا نظرا إلى النسل وله في المنفردة روايتان ولا يرد عليه أنه يلزم مثل هذا في سائر السوائم إذا انفردت لعدم التناسل لأنه يقول أنه إذا عدم التناسل حصل فيها النمو للأكل والخيل لا تؤكل عنده . قال الحافظ ثم عند ان المالك يتخير بين أن يخرج عن كل فرس دينارا أو يقوم ويخرج ربع العشر وهذا الحديث يرد عليه واجيب من جهته يحمل النفي فيه على الرقبة لا على القيمة وهو خلاف الظاهر . ومن جملة ما يرد به عليه حديث علي عند أبي داود بإسناد حسن مرفوعا ( قد عفوت عن الخيل والرقيق فهاتوا صدقة الرقة ) وسيأتي . واستدل على الوجوب بما وقع في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة ( انه صلى الله عليه وآله وسلم قال في الخيل ثم لم ينس حق الله في ظهورها ) وقد تقدم الجواب عن ذلك في شرح حديث أبي هريرة ( ومن جملة ) ما استدل به ما أخرجه الدارقطني والبيهقي والخطيب من حديث جابر عنه صلى الله عليه وآله وسلم ( في كل فرس سائمة دينار أو عشرة دراهم ) وهذا الحديث مما لا تقوم به حجة لانه قد ضعفه الدارقطني والبيهقي فلا يقوى على معارضة حديث الباب الصحيح وتمسك أيضا بما روى عن عمر أنه أمر عامله بأخذ الصدقة من الخيل وقد تقرر ان أفعال الصحابة وأقوالهم لا حجة فيها لا سيما بعد إقرار عمر بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر لم يأخذ الصدقة من الخيل كما في الرواية المذكورة في الباب ( وقد احتج ) بظاهر حديث الباب الظاهرية فقالوا لا تجب الزكاة في الخيل والرقيق لا لتجارة ولا لغيرها واجيب عنهم بأن زكاة التجارة ثابته بالإجماع ( 1 ) كما نقله ابن المنذر وغيره فيخص به عموم هذا الحديث ولا يخفى ان الإجماع على وجوب زكاة التجارة في الجملة لا يستلزم وجوبها في كل نوع من أنواع المال لأن مخالفة الظاهرية في وجوبها .
في الخيل والرقيق الذي هو محل النزاع مما يبطل الأحتجاج عليهم بالإجماع على وجوبها فيهما فالظاهر ما ذهب إليه أهله . قوله ( إن لم تكن جزية ) الخ ظاهر هذا أن عليا لا يقول بجواز الزكاة من هذين النوعين وإنما حسن الأخذ من الجماعة المذكورين لكونهم قد طلبوا من عمر ذلك . وحديث أبي هريرة المذكور في الباب هو طرف من حديثه المتقدم في أول الكتاب وقد شرحناه هنالك وقد استدل به على عدم وجوب الزكاة في الحمر لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن زكاتها فلم يذكر ان فيها الزكاة والبراءة الأصلية مستصحبة والأحكام التكليفية لا تثبت بدون دليل ولا أعرف قائلا من أهل العلم يقول بوجوب الزكاة في الحمر لغير تجارة واستغلال .
_________ .
( 1 ) ويستأنس اللجمهور بما رواه الترمذي والدارقطني عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمر ( أن رسول الله قال من ولى يتيما له مال ليتجر له ولا يتركه حتى تأكله الصدقة ) وجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرشد ولي اليتيم إلى التجارة بمال الصبي لتربح فيخرج زكاتها خوفا من أن يذهب المال بدون استثمار ولا يعقل أن المال إذا كان نقدا لا يثمر تخرج زكاته وإذا كان تجارة يثمر فلا تخرج زكاته . وحديث عمرو وإن كان إسناده ضعيف فله شاهد عند الشافعي ولفظه ( ابتغوا في أموال الأيتام لا تأكلها الزكاة ) ولعموم الأحاديث الصحيحة في إيجاب الزكاة مطلقا . والله أعلم