- الحديث الأول سكت عنه أبو داود المنذري والحافظ في التلخيص ورجال إسناده رجال الصحيح ( وفي الباب ) عن ابن عباس عند الشافعي ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سل من قبل رأسه سلا ) وعن ابن عمر عند أبي بكر النجاد مثله . وعن أبي رافع عند ابن ماجه قال ( سل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سعد بن معاذ سلا ورش على قبره الماء ) وأما الزيادة التي زادها سعيد فسيأتي الكلام فيها .
والحديث الثاني أخرجه أيضا ابن حبان والحاكم ( وفي الباب ) عن ابن عمر عند النسائي والحاكم وغيرهما وفيه الأمر به وقد اختلف في رفعه ووقفه ورجح الدارقطني والنسائي الوقف ورجح غيرهما الرفع وقد رواه ابن حبان من طريق سعيد عن قتادة مرفوعا وروى البزار والطبراني عن ابن عمر نحوه وابن ماجه عنه مرفوعا وفي إسناده حماد بن عبد الرحمن الكلبي وهو مجهول . وعن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه عند الطبراني قال قال اللجلاج يا بني إذا أنا مت فالحدني فإذا وضعتني في لحدي فقل بسم الله وعلى ملة رسول الله ثم شن على التراب شنائم أقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ذلك واللجلاج بجيمين وفتح اللام الأولى . وعن أبي حازم مولى الغفاري حدثني البياضي وهو صحابي كما في الكاشف وغيره عند الحاكم يرفعه بلفظ ( الميت إذا وضع في قبره فليقل الذين يضعونه حين يوضع في اللحد بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وعن أبي أمامة عند الحاكم والبيهقي بلفظ ( لما وضعت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في القبر قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله ) الحديث وسنده ضعيف كما قال الحافظ . والحديث الثالث قال أبو حاتم في العلل هذا حديث باطل وقال الحافظ في إسناده ظاهر الصحة قال ابن ماجه حدثنا العباس بن الوليد يحيى بن صالح حدثنا سلمة بن كلثوم حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة فذكره ورجاله ثقات وقد رواه ابن أبي داود من هذا الوجه وصححه قال الحافظ لكن أبو حاتم إمام لم يحكم عليه بالبطلان إلا بعد أن تبين له وأظن العلة فيه عنعنة الأوزاعي وعنعنة شيخه وهذا كله إن كان يحيى بن صالح هو الوحاظي شيخ البخاري ( وفي الباب ) عن عامر بن ربيعة عند البزار والدارقطني قال ( رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين دفن عثمان بن مظعون صلى عليه وكبر أربعا وحثى على قبره بيديه ثلاث حثيات من التراب وهو قائم عند رأسه ) وزاد البزار ( فأمر فرش عليه الماء ) قال البيهقي وله شاهد من حديث جعفر بن محمد عن أبيه مرسلا رواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد عن جعفر . وعن أبي المنذر عند أبي داود في المراسيل ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حثي في قبر ثلاثا ) قال أبو حاتم في العلل أبو المنذر مجهول . وعن أبي أمامة عند البيهقي قال توفي رجل فلم تصب له حسنة إلا ثلاث حثيات حثاها على قبر فغفرت له ذنوبه . وعن أبي هريرة غير حديث الباب عند أبي الشيخ مرفوعا ( من حثي على مسلم احتسابا كتب له بكل ثراة حسنة ) قال الحافظ إسناده ضعيف . قوله ( وقال هذا من السنة ) فيه وفيما قدمنا دليل على أنه يستحب أن يدخل الميت من قبل رجلى القبر أو موضع رجلي الميت منه عند وضعه فيه وإلى ذلك ذهب الشافعي وأحمد والهادي والناصر والمؤيد بالله وقال أبو حنيفة أنه يدخل القبر من جهة القبلة معرضا إذ هو أيسر واتباع السنة أولى من الرأي .
وقد استدل لأبي حنيفة بما رواه البيهقي من حديث ابن عباس وابن مسعود وبريدة أنهم ادخلوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم من جهة القبلة ويجاب بأن البيهقي ضعفها . وقد روى عن الترمذي تحسين حديث ابن عباس منها وانكر ذلك عليه لأن مداره على الحجاج بن أرطأة قال في ضوء النهار على أنه لا حاجة إلى التضعيف بذلك لأن قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان عن يمين الداخل إلى البيت لا صقا بالجدار والجدار الذي ألحد تحته هو القبلة فهو مانع من أدخال النبي صلى الله عليه وآله وسلم من جهة القبلة ضرورة انتهى . قال في البدر المنير بعد أن ذكر أنه أدخل صلى الله عليه وآله وسلم من جهة القبلة وهو غير ممكن كما ذكره الشافعي في الأم وأطنب في الشناعة على من يقول ذلك ونسبه إلى الجهالة ومكابرة الحس انتهى . قوله ثم ( قال أنشطوا الثوب ) بهمزة فشين معجمة فطاء مهملة أي أختلسوه ذكر معناه في القاموس وقد أخرج نحو هذه الزيادة يوسف القاضي يإسناد له عن رجل عن علي ( أنه أتاهم وهم يدفنون قيسا وقد بسط الثوب على قبره فجذبه وقال إنما يصنع هذا بالنساء ) والطبراني عن أبي اسحاق أيضا أن عبد الله بن يزيد صلى على الحرث الأعور وفيه ثم لم يدعهم يمدون ثوبا على القبر وقال هكذا السنة وقد رواه ابن أبي شيبة من طريق الثوري عن أبي إسحاق بلفظ ( شهدت جنازة الحرث فمدوا على قبره ثوبا فجذبه عبد الله بن يزيد وقال إنما هو رجل ) ورواه البيهقي بإسناد صحيح إلى أبي إسحاق السبيعي أنه حضر جنازة الحرث الأعور فأمر عبد الله بن يزيد أن يبسطوا عليه ثوبا . قال الحافظ لعل الحديث كان فيه فأمر أن لا يبسطوا فسقطت لا أو كان فيه فأبى بدل فأمر . وروى البيهقي من حديث ابن عباس قال ( جلل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبر سعد بثوبه قال البيهقي لا أحفظه إلا من حديث يحيى بن عقبة بن أبي العيزار وهو ضعيف . وروى عبد الرزاق عن الشعبي عن رجل أن سعد بن مالك قال أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فستر على القبر حتى دفن سعد بن معاذ فيه فكنت ممن أمسك الثوب وفي إسناده هذا المبهم . وقد أوله القائلون باختصاص ذلك بالمرأة على أنه إنما فعل صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بقبر سعد لأنه كان مجروحا وكان جرحه قد تغير . قوله ( قال بسم الله ) الخ فيه استحباب هذا الذكر عند وضع الميت في قبره : قوله ( من قبل رأسه ) فيه دليل على أن المشروع أن يحثى على الميت من جهة رأسه ويستحب أن يقول عند ذلك { منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى } ذكره أصحاب الشافعي . وقال الهادي بلغنا عن أمير المؤمنين كرم الله وجهه أنه كان إذا حثى على ميت قال اللهم إيمانا بك وتصديقا برسلك وايقانا ببعثك هذا ما وعد الله ورسوله وصدق الله ورسوله ثم قال من فعل ذلك كان له بكل ذرة حسنة