- وفي الباب عن عائشة عند البخاري . وعن ثوبان عند مسلم . وعن عبد الله بن مغفل عند النسائي . وعن أبي سعيد عند أحمد وعن ابن مسعود عند أبي عوانة قال الحافظ وأسانيده هذه صحاح . وعن أبي بن كعب عن ابن ماجه . وعن ابن مسعود عند البيهقي في الشعب وأبي عوانة . وعن أنس عند الطبراني في الأوسط . وعن واثلة بن الأسقع عند ابن عدي . وعن حفصة عند حميد بن زنجويه في فضائل الأعمال . قال الحافظ وفي كل من أسانيد هؤلاء الخمسة ضعف .
قوله ( من شهد ) في رواية للبخاري ( من شيع ) وفي أخرى له ( من تبع ) وفي رواية لمسلم ( من خرج مع جنازة من بيتها ثم تبعها حتى تدفن ) فينبغي أن تكون هذه الرواية مقيدة لبقية الروايات فالتشييع والشهادة والإتباع يعتبر في كونها محصلة للأجر المذكور في الحديث أن يكون ابتداء الحضور من بيت الميت . ويدل على ذلك ما وقع في رواية لأبي هريرة عند البزار بلفظ ( من أهلها ) وما عند أحمد من حديث أبي سعيد الخدري بلفظ ( فمشى معها من أهلها ) ومقتضاه أن القيراط يختص بمن حضر من أول الأمر إلى انقضاء الصلاة وبذلك جزم الطبري : .
قال الحافظ والذي يظهر لي أن القيراط يحصل لمن صلى فقط لأن كل ما قبل الصلاة وسيلة إليها لكن يكون قيراط من صلى فقط دون قيراط من شيع وصلى . واستدل بما عند مسلم بلفظ ( من صلى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط ) وبما عند أحمد عن أبي هريرة ( ومن صلى ولم يتبع فله قيراط ) فدل على أن الصلاة تحصل القيراط وإن لم يقع إتباع قال ويمكن أن يحمل الإتباع هنا على ما بعد الصلاة انتهى .
وهكذا الخلاف في قيراط الدفن هل يحصل بمجرد الدفن من دون إتباع أو لابد منه .
قوله ( حتى يصلي عليها ) قال في الفتح اللام للأكثر مفتوحة . وفي بعض الروايات بكسرها ورواية الفتح محمولة عليها فإن حصول القيراط متوقف على وجود الصلاة من الذي يحصل له انتهى . قال ابن المنير أن القيراط لا يحصل إلا لمن اتبع وصلى أو إتبع وشيع وحضر الدفن لا لمن اتبع مثلا وشيع ثم انصرف بغير صلاة وذلك لأن الإتباع إنما هو وسيلة لا حد مقصودين إما الصلاة وإما الدفن فإذا تجردت الوسيلة عن المقصد لم يحصا المترتب على المقصود وإن كان يترجى أن يحصل لذلك فضل ما يحتسب وقد روى سعيد بن منصور عن مجاهد أنه قال إتباع الجنازة أفضل النوافل وفي رواية عبد الرزاق عنه إتباع الجنازة أفضل من صلاة التطوع : قوله ( فله قيراط ) بكسر القاف قال في الفتح قال الجوهري القيراط نصف دانق قال والدانق سدس الدرهم فهو على هذا نصف سدس الدرهم كما قال ابن عقيل وذكر القيراط تقريبا للفهم لما كان الإنسان يعرف القيراط ويعمل العمل في مقابلته فضرب له المثل بما يعلم ثم لما كان مقدار القيراط المتعارف حقيرا نبه على عظم القيراط الحاصل لمن فعل ذلك فقال مثل أحدكما كما في بعض الروايات وفي أخرى أصغرهما مثل أحد . وفي حديث الباب مثل الجبلين العظيمين : .
قوله ( ومن شهدها حتى تدفن ) ظاهره أن حصول القيراط متوقف على فراغ الدفن وهو أصح الأوجه عند الشافعية وغيرهم وقيل يحصل بمجرد الوضع في اللحد وقيل عند انتهاء الدفن قبل إهالة التراب . وقد وردت الأخبار بكل ذلك فعند مسلم ( حتى يفرغ منها ) وعنده في أخرى ( حتى توضع في اللحد ) وعنده أيضا ( حتى توضع في القبر ) وعند أحمد ( حتى يقضي قضاؤها ) وعند الترمذي ( حتى يقضي دفنها ) وعند أبي عوانة ( حتى يسوى عليها ) أي التراب . وقيل يحصل القيراط بكل من ذلك ولكن يتفاوت . والظاهر أنها تحمل الروايات المطلقة عن الفراغ من الدفن وتسوية التراب بالمقيدة بهما : .
قوله ( مثل الجبلين ) في رواية ( مثل أحد ) وفي رواية للنسائي ( كل واحد منهما أعظم من أحد ) وعند مسلم أصغرهما مثل أحد . وعند ابن عدي أثقل من أحد فأفادت هذه الرواية بيان وجه التمثيل بجبل أحد وأن المراد به ونة الثواب المترتب على ذلك : .
قوله ( حتى توضع في اللحد ) استدل به المصنف على أن اللحد أفضل من الشق وسيأتي الكلام على ذلك