- الحديث الثاني أخرجه الحاكم عن أنس : قوله ( أن مصعب بن عمير قتل ) في رواية للبخاري ( أن عبد الرحمن بن عوف قال قتل مصعب بن عمير وكان خيرا مني فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة وقتل حمزة أو رجل آخر فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة ) قال في الفتح قوله ( أو رجل آخر ) لم أقف على اسمه ولم يقع في أكثر الروايات إلا بلفظ حمزة ومصعب فقط : قوله ( إلا نمرة ) هي شملة فيها خطوط بيض وسود أو بردة من صوف يلبسها الأعراب كذا في القاموس . قوله ( فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نغطي بها رأسه ) فيه دليل على أنه إذا ضاق الكفن عن ستر جميع البدن ولم يوجد غيره جعل مما يلي الرأس وجعل النقص مما يلي الرجلين . قال النووي فان ضاق عن ذلك سترت العورة فان فضل شيء جعل فوقها وان ضاق عن العورة سترت السوأتان لانهما أهم وهما الأصل في العورة قال وقد يستدل بهذا الحديث على أن الواجب في الكفن ستر العورة فقط ولا يجب استيعاب البدن عند التمكن ( فان قيل ) لم يكونوا متمكنين من جميع البدن لقوله ( لم يوجد غيرها ) فجوابه أن معناه لم يوجد مما يملكه الميت إلا نمرة ولو كان ستر جميع البدن واجبا لوجب على المسلمين الحاضرين تتميمه ان لم يكن له قريب يلزمه نفقته فان كان وجبت عليه ( فان قيل ) كانوا عاجزين عن ذلك لان القضية جرت يوم أحد وقد كثرت القتلى من المسلمين واشتغلوا بهم وبالخوف من العدو عن ذلك وجوابه أنه يبعد من حال الحاضرين المتولين دفنه أن لا يكون مع واحد منهم قطعة من ثوب ونحوها انتهى . وقد استدل بالحديثين على أن الكفن يكون من رأس المال لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بالتكفين في النمرة ولامال غيرها . قال ابن المنذر قال بذلك جميع أهل العلم إلا رواية شاذذة عن خلاص بن عمر وقال الكفن من الثلث . وعن طاوس قال من الثلث ان كان قليلا . وحكى في البحر عن الزهري وطاوس أنه من الثلث إن كان معسرا . وقد أخرج الطبراني في الأوسط من حديث علي أن الكفن من جميع المال وإسناده ضعيف واخرجه ابن أبي حاتم في العلل من حديث جابر وحكى عن أبيه أنه منكر وقد أخرجهما عبد الرزاق : قوله ( ونجعل على رجليه شيئا من الاذخر ) فيه أنه يستحب إذا لم يوجد ساتر البتة لبعض البدن أولكله أن يغطي بالأذخر فان لم يوجد فما تيسر من نبات الأرض وقد كان الأذخر مستعملا لذلك عند العرب كما يدل عليه قول العباس إلا الأذخر فانه لبيوتنا وقبورنا