- قوله ( حين توفيت ابنته ) في رواية متفق عليها ( ونحن نغسل ابنته ) قال في الفتح ويجمع بينهما بأن المراد أنه دخل حين شرع النسوة في الغسل وابنته المذكورة هي زينب زوج أبي العاص بن الربيع كما في مسلم . وقال الداودي أنها أم كلثوم زوج عثمان . ويدل عليه ما أخرجه ابن ماجه بإسناد على شررط الشيخين كما قال الحافظ ولفظه ( دخل علينا ونحن نغسل ابنته أم كلثوم ) وكذا وقع لابن بشكوال في المبهمات عن أم عطية والدولابي في الذرية الطاهرة قال في الفتح فيمكن ترجيح أنها أم كلثوم بمجيئه من طرق متعددة ويمكن الجمع بأن تكون أم عطية حضرتها جميعا فقد جزم ابن عبد البر في ترجمتها بأنها كانت غاسلة الميتات انتهى . قوله ( إغسلنها ) قال ابن بريدة استدل به على وجوب غسل الميت قال ابن دقيق العيد لكن قوله ( ثلاثا ) الخ ليس للوجوب على المشهور من مذاهب العلماء فيتوقف الاستدلال به على تجويز إرادة المعنيين المختلفين بلفظ واحد لأن قوله ثلاثا غير مستقل بنفسه فلا بد أن يكون داخلا تحت صيغة الأمر فيراد بلفظ الأمر الوجوب بالنسبة إلى أصل الغسل أو الندب بالنسبة إلى الإيتار انتهى . فمن جوز ذلك جوز الاستدلال بهذا الأمر على الوجوب بدليل آخر . وقد ذهب الكوفيون وأهل الظاهر والمزني إلى إيجاب الثلاث وروى ذلك عن الحسن وهو يرد ما حكاه في البحر من الإجماع على أن الواجب مرة فقط . قوله ( من ذلك ) بكسر الكاف لأنه خطاب للمؤنث . قال في الفتح ولم أر في شيء من الروايات بعد قوله سبعا وإما أو أكثر من ذلك إلا في رواية لأبي داود وأما سواه فأما أو سبعا وإما أو أكثر من ذلك انتهى . وهو ذهول منه عما أخرجه البخاري في باب يجعل الكافور فإنه روى حديث أم عطية هنالك بلفظ ( اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أكثر من ذلك ) وقد صرح المصنف C تعالى بأن الجمع بين التعبير بسبع وأكثر متفق عليه كما وقع في حديث الباب لكن قال ابن عبد البر لا أعلم أحدا قال بمجاوزة السبع . وصرح بأنها مكروهة أحمد والماوردي وابن المنذر : قوله ( إن رأيتن ذلك ) فيه دليل على التفويض إلى اجتهاد الغاسل ويكون ذلك بحسب الحاجة لا التشهي كما قال في الفتح . قال ابن المنذر إنما فوض الرأي إليهن بالشرط المذكور وهو الإيتار : قوله ( بماء وسدر ) قال الزين بن المنير ظاهره أن السدر يخلط في كل مرة من مرات الغسل لأن قوله بماء وسدر يتعلق بقوله أغسلنها قال وهو مشعر بأن غسل الميت للتنظيف لا للتطهير لأن الماء المضاف لا يتطهر به وتعقبه الحافظ بمنع لزوم مصير الماء مضافا بذلك لاحتمال أن لا يغير السدر وصف الماء بأن يمعك بالسدر ثم يغسل بالماء في كل مرة فإن لفظ الخبر لا يأتي ذلك : قوله ( واجعلن في الأخيرة كافورا أو شيئا من كافور ) هو شك من الراوي قال في الفتح والأول محمول على الثاني لأنه نكرة في سياق الإثبات فيصدق بكل شيء منه وقد جزم البخاري في رواية باللفظ الأول وظاهره أنه يجعل الكافور في الماء وبه قال الجمهور .
وقال النخعي والكوفيون إنما يجعل الكافور في الحنوط والحكمة في الكافور كونه طيب الرائحة وذلك وقت تحضر فيه الملائكة وفيه أيضا تبريد وقوة نفوذ وخاصة في تصلب بدن الميت وطرد الهوام عنه وردع ما يتحلل من الفضلات ومنع إسراع الفساد إليه وإذا عدم قام غيره مقامه مما فيه هذه الخواص أو بعضها قوله ( فآذنني ) أي أعلمنني . قوله ( فأعطانا حقوه ) قال في الفتح بفتح المهملة ويجوز كسرها وهي لغة هذيل بعدها قاف ساكنة والمراد هنا الإزار كما وقع مفسرا في آخر هذه الرواية . والحقو في الأصل معقد الإزار وأطلق على الإزار مجازا . وفي رواية للبخاري ( فنزع عن حقوه إزاره ) والحقو على هذه الحقيقة . قوله ( فقال أشعرنها إياه ) أي ألففنها فيه لأن الشعار ما يلي الجسد من الثياب والمراد إجعلنه شعارا لها قال في الفتح قيل الحكمة في تأخير الإزار معه إلى أن يفرغن من الغسل ولم يناولهن إياه أولا ليكون قريب العيد من جسده حتى لا يكون بين انتقاله من جسده إلى جسدها فاصل وهو أصل في التبرك بآثار الصالحين . وفيه جواز تكفين المرأة في ثوب الرجل وقد نقل ابن بطال الاتفاق على ذلك . قوله ( إبدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها ) ليس بين الأمرين تناف لإمكان البداءة بمواضع الوضوء وبالميامن معا . قال الزين بن منير قوله ( إبدأن بميامنها ) أي في الغسلات التي لا وضوء فيها ومواضع الوضوء منها أي في الغسلة المتصلة بالوضوء وفي هذا رد على من لم يقل بستحباب البداءة بالميامن وهو الحنفية واستدل به على استحباب المضمضة والاستنشاق في غسل الميت خلافا للحنفية قوله ( اغسلنها وترا ثلاثا ) الخ استدل به على أن أقل الوتر ثلاث قال الحافظ ولا دلالة فيه لأنه سيق مساق البيان للمراد إذا لو أطلق لتناول الواحدة فما فوقها . قوله ( فضفرنا شعرها ثلاثة قرون ) هو بضاد وفاء خفيفة وفيه استحباب ضفر شعر المرأة وجعله ثلاثة قرون وهي ناصيتها وقرناها أي جانبا رأسها كما وقع في رواية وكيع عن سفيان عند البخاري تعليقا ووصل ذلك الإسماعيلي وتسمية الناصية قرنا تغليب وقال الأوزاعي والحنفية أنه يرسل شعر المرأة خلفها وعلى وجهها مفرقا . قال القرطبي وكأن سبب الخلاف أن الذي فعلته أم عطية هل استندت فيه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيكون مرفوعا أو هو شيء رأته ففعلته استحبابا كلا الأمرين محتمل لكن الأصل أن لا يفعل في الميت شيء من جنس القرب إلا بأذن الشرع ولم يرد ذلك مرفوعا كذا قال . وقال النووي الظاهر عدم إطلاع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتقريره له وتعقب ذلك الحافظ بأن سعيد بن منصور روى عن أم عطية أنها قالت ( قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اغسلنها وترا واجعلن شعرها ضفائر ) وأخرج ابن حبان في صحيحه عن أم عطية مرفوعا بلفظ ( واجعلن لها ثلاث قرون ) قوله ( فالقيناها خلفها ) فيه استحباب جعل ضفائر المرأة خلفها وقد زعم ابن دقيق العيد أن الوارد في ذلك حديث غريب . قال في الفتح وهو مما يتعجب منه مع كون الزيادة في صحيح البخاري وقد توبع رواتها عليها وقد استوفى تلك المتابعات وذكر للحديث فوائد غير ما تقدم