- حديث عائشة الأول أخرجه الطبراني في الأوسط وفي إسناده جابر الجعفي وفيه كلام كثير وحديث عائشة الثاني رجاله رجال الصحيح على كلام في سعد بن سعيد الأنصاري . وحديث أبي بن كعب أخرجه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه : قوله ( فأدى فيه الأمانه ولم يفش عليه ما يكون منه عند ذلك ) المراد بتأدية الأمانة ولم يفش عليه ما يكون منه عند ذلك ( المراد بتأدية الأمانة ) إما كتم ما يرى منه مما يكرهه الناس ويكون قوله ولم يفش عطفا تفسيرا أو يكون المراد بتأدية الأمانة أن يغسل الغسل الذي وردت به الشريعة لأن العلم عند حامله أمانة واستعماله في مواضعه من تأديتها : قوله ( ليله أقربكم ) فيه أن الأحق بغسل الميت من الناس الأقرب إلى الميت بشط أن يكون عالما بما يحتاج إليه من العلم وقد قال بتقديم القريب على غيره الإمام يحيى : قوله ( فمن ترون عنده خطأ من ورع وأمانة ) فيه دليل لما ذهبت إليه الهادوية من اشتراط العدالة في الغاسل وخالفهم الجمهور فإن صح هذا الحديث فذاك وإلا فالظاهر عدم اختصاص هذه القربة بمن ليس فاسقا لأنه مكلف بالتكاليف الشرعية وغسل الميت من جملتها والألزم عدم صحة كل تكليف شرعي منه هو خلاف الإجماع ودعوى صحة بعضها دون بعض بغير دليل تحكم . وقد حكى المهدي في البحر الإجماع على أن غسل الميت واجب على الكفاية . وكذلك حكى الإجماع النووي وناقش دعوى الإجماع صاحب ضوء النهار مناقشة واهية حاصلها أنه لا مستند له إلا أحاديث الفعل وهي لا تفيد الوجوب وأحاديث الأمر بغسل الذي وقصته ناقته والأمر بغسل ابنته صلى الله عليه وآله وسلم والأمر مختلف في كونه للوجوب أو للندب ورد كلامه بأنه إن ثبت الإجماع على الوجوب فلا يضر جهل المستند ويراد أيضا بأن الاختلاف في كون الأمر للوجوب لا يستلزم الاختلاف في كل مأمور به لأنه ربما شهدت لبعض الأوامر قرائن يستفاد منها وجوبه وهذا مما لا يخالف فيه القائل بأن الأمر ليس للوجوب لأن محل الخلاف الأمر المجرد كما تقرر في الأصول نعم قال في الفتح وقد نقل النووي الإجماع على أن غسل الميت فرض كفاية وهو ذهول شديد فإن الخلاف مشهور جدا عند المالكية على أن القرطبي رجح في شرح مسلم أنه سنة ولكن الجمهور على وجوبه وقد رد ابن العربي على من لم يقم بذلك وقال قد توارد به القول والعمل انتهى . وهكذا فليكن التعقب لدعوى الإجماع : قوله ( إن كسر عظم الميت ) الخ فيه دليل على وجوب الرفق بالميت في غسله وتكفينه وحمله وغير ذلك لأن تشبيه كسر عظمه بكسر عظم الحي إن كان في الإثم فلا شك في التحريم وإن كان في التألم فكما يحرم تأليم الحي يحرم تأليم الميت وقد زاد ابن ماجه من حديث أم سلمة لفظ ( في الإثم ) فيتعين الاحتمال الأول : قوله ( من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ) فيه الترغيب في ستر عورات المسلم وظاهره عدم الفرق بين الحي والميت فيدخل في عمومه ستر ما يراه الغاسل ونحوه من الميت وكراهة إفشائه والتحدث به وأيضا قد صح الغيبة هي ذكرك لأخيك بما يكره ولا فرق بين الأخ الحي والميت ولا شك أن الميت يكره أن يذكر من عيوبه التي تظهر حال موته فيكون على هذا ذكرها محرما وسيأتي بقية الكلام على هذا في باب الكف عن ذكر مساوى الأموات . قوله ( وعن أبي بن كعب أن آدم ) الخ سيأتي الكلام في تفاصيل ما أشتمل عليه حديث أبي بن كعب هذا في أبوابه من هذا الكتاب