- قوله ( أن رجلا ) في مسند أحمد ما يدل على أن هذا المبهم كعب بن مرة وفي البيهقي من طريق مرسلة ما يدل على أنه خارجة بنحصن بن حذيفة بن بدر الفزاري وزعم بعضهم أنه أبو سفيان بن حرب .
قال في الفتح وفيه نظر لأنه جاء في واقعة أخرى . وقال الحافظ لم أقف على تسميته كما تقدم : قوله ( يوم جمعة ) فيه دليل على أنه إذا اتفق وقوع الاستسقاء يوم جمعة اندرجت خطبة الاستسقاء وصلاتها في الجمعة وقد بوب لذلك البخاري وذكر حديث الباب : قوله ( من باب كان نحو دار القضاء ) فسر بعضهم دار القضاء بأنها دار الإمامة قال في الفتح وليس كذلك وإنما هي دار عمر بن الخطاب وسميت دار القضاء لأنها بيعت في قضاء دينه فكان يقال لها دار قضاء دين عمر ثم طال ذلك فقيل لها دار القضاء ذكره الزبير بن بكار بسنده إلى ابن عمر . وقد قيل في تفسيرها غير ذلك : قوله ( ثم قال يا رسول الله ) هذا يدل على أن السائل كان مسلما وبه يرد على من قال أنه أبو سفيان لأنه حين سؤاله لذلك لم يكن قد أسلم : قوله ( هلكت الأموال ) المراد بالأموال هنا الماشية لا الصامت : قوله ( وانقطعت السبل ) المراد بذلك أن الإبل ضعفت لقلة القوت عن السفر لكونها لا تجد في طريقها من الكلأ ما يقيم أودها . وقيل المراد نفاذ ما عند الناس من الطعام أو قلته فلا يجدون ما يجلبونه ويحملونه إلى الأسواق : قوله ( فادع الله يغثنا ) هكذا في رواية للبخاري بالجزم وفي رواية له يغيثنا بالرفع وفي رواية له أن يغيثنا فالجزم ظاهر والرفع على الاستئناف أي فهو يغيثنا قال في الفتح وجائز أن يكون من الغوث أو من الغيث والمعروف في كلام العرب غثنا لأنه من الغوث . وقال ابن القطاع غاث الله عباده غيثا وغياثا سقاهم المطر وأغاثهم أجاب دعاءهم ويقال غاث وأغاث بمعنى .
قال ابن دريد الأصل غاثه يغوثه غوثا واستعمل أغاثه ومن فتح أوله فمن الغيث ويحتمل أن يكون معنى أغثنا أعطنا غوثا وغيثا : قوله ( فرفع يديه ) فيه استحباب رفع اليد عند دعاء الاستسقاء وقد تقدم الكلام عليه : قوله ( من سحاب ) أي مجتمع : قوله ( ولا قزعة ) بفتح القاف والزاي بعدها مهملة أي سحاب متفرق .
وقال ابن سيده القزع من السحاب رقاق . قال أبو عبيدة وأكثر ما يجيء في الخريف . قوله ( وما بيننا وبين سلع ) بفتح المهملة وسكون اللام جبل معروف بالمدينة وقد حكى أنه بفتح اللام . قوله ( من بيت ولا دار ) أي يحجبنا من رؤيته وأشار بذلك إلى أن السحاب كان مفقودا لا مستترا ببيت ولا غيره . قوله ( فطلعت ) أي ظهرت من وراء سلع . قوله ( مثل الترس ) أي مستديرة ولم يرد أنها مثله في القدر . وفي رواية ( فنشأت سحابة مثل رجل الطائر ) . قوله ( فلما توسطت السماء انتشرت ) هذا يشعر بأنها استمرت مستديرة حتى انتهت إلى الأفق وانبسطت حينئذ وكأن فائدته تعميم الأرض بالمطر . قوله ( ما رأينا الشمس سبتا ) هذا كناية عن استمرار الغيم الماطر وهو كذلك في الغالب وإلا فقد يستمر المطر والشمس بادية وقد تحتجب الشمس بغير مطر . وأصرح من ذلك ما وقع في رواية أخرى للبخاري بلفظ ( فمطرنا يومنا ذلك ومن الغد ومن بعد الغد والذي يليه حتى الجمعة الأخرى ) والمراد بقوله سبتا أي من السبت إلى السبت قاله ابن المنير والطبري قال وفيه تجوز لأن السبت لم يكن مبتدأ ولا الثاني منتهي وإنما عبر أنس بذلك لأنه كان من الأنصار وقد كانوا جاوروا اليهود فأخذوا بكثير من اصطلاحهم وإنما سموا الأسبوع سبتا لأنه أعظم الأيام عند اليهود كما أن الجمعة عند المسلمين كذلك وفي تعبيره عن الأسبوع بالسبت مجاز مرسل والعلاقة الجزئية والكلية . وقال صاحب النهاية أراد قطعة من الزمان وكذا قال النووي . ووقع في رواية ستا أي ستة أيام . ووقع في رواية فمطرنا من جمعة إلى جمعة . قوله ( ثم دخل رجل من ذلك الباب ) ظاهره أنه غير الأول لأن النكرة إذا تكررت دلت على التعدد وقد قال شريك في آخر هذا الحديث سألت أنسا أهو الرجل الأول فقال لا أدري وهذا يقتضي أنه لم يجزم بالتغاير .
وفي رواية للبخاري عن أنس ( فقام ذلك الرجل أو غيره ) وفي رواية له عنه ( فأتى الرجل فقال يا رسول الله ) ومثلها لأبي عوانة وهذا يقتضي الجزم بكونه واحدا فلعل أنسا تذكره بعد أن نسيه ويؤيد ذلك ما أخرجه البيهقي عنه بلفظ ( فقال الرجل ) يعني الذي سأله يستسقي . قوله ( هلكت الأموال وانقطعت السبل ) أي بسبب غير السبب الأول والمراد أن كثرة الماء انقطع المرعى بسببها فهلكت المواشي من عدم المرعى أو لعدم ما يكنها من المطر ويدل على ذلك ما عند النسائي بلفظ من كثرة الماء . وأما انقطاع السبل فلتعذر سلوك طريق من كثرة الماء . وفي رواية عند ابن خزيمة واحتبس الركبان وفي رواية للبخاري تهدمت البيوت . وفي رواية له هدم البناء وغرق المال . قوله ( يمسكها ) يجوز ضم الكاف وسكونها والضمير يعود إلى الأمطار أو إلى السحاب أو إلى السماء . قوله ( اللهم حوالينا ولا علينا ) تقدم الكلام عليه . قوله ( على الآكام ) بكسر الهمزة وقد تفتح جمع أكمة مفتوحة الحروف جميعا قيل هي التراب المجتمع وقيل هي الحجر الواحد وبه قال الخليل . وقال الخطابي هي الهضبة الضخمة . وقيل الجبل الصغير . وقيل ما ارتفع من الأرض . قوله ( والظراب ) تقدم تفسيره وضبطه . قوله ( وبطون الأودية ) المراد بها ما يتحصل فيه الماء لينتفع به . قوله ( فانقلعت ) أي السماء أو السحابة الماطرة والمعنى أنها أمسكت عن المطر على المدينة .
( وفي الحديث ) فوائد منها جواز المكالمة من الخطيب حال الخطبة وتكرار الدعاء وإدخال الاستسقاء في خطبة الجمعة والدعاء به على المنبر وترك تحويل الرداء والاستقبال والاجتزاء بصلاة الجمعة عن صلاة الاستسقاء كما تقدم . وفيه علم من أعلام النبوة في إجابة الله تعالى دعاء نبيه وامتثال السحاب أمره كما وقع في كثير من الروايات وغير ذلك من الفوائد