- حديث محمود بن لبيد أصله في الصحيحين بدون قوله ( فافزعوا إلى المساجد ) وقد أخرج هذه الزيادة أيضا الحاكم وابن حبان . وحديث ابن عباس أخرجه الشافعي كما ذكر المصنف عن شيخه إبراهيم بن محمد وهو ضعيف ولا يحتج بمثله . وقول الحسن صلى بنا لا يصح قال الحسن لم يكن بالبصرة كما كان ابن عباس بها . وقيل أن هذا من تدليساته وأن المراد من قوله صلى بنا أي صلى بأهل البصرة .
( والحديثان ) يدلان على مشروعية التجميع في خسوف القمر أما الأول فلقوله فيه ( فإذا رأيتموهما كذلك ) الخ ولكنه لم يصرح بصلاة الجماعة .
وأما الحديث الثاني فلقول ابن عباس بعد أن صلى بهم جماعة في خسوف القمر ( إنما صليت كما رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي ) ولكنه يحتمل أن يكون المشبه بصلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو صفتها من الاقتصار في كل ركعة على ركوعين ونحو ذلك لا أنها مفعولة في خصوص ذلك الوقت الذي فعلها فيه لما تقدم من اتحاد القصة وأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة عند موت ولده إبراهيم نعم أخرج الدارقطني من حديث عائشة : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي في كسوف الشمس والقمر أربع ركعات ) .
وأخرج أيضا عن ابن عباس : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى في كسوف القمر ثماني ركعات في أربع سجدات ) .
وذكر القمر في الأول مستغرب كما قال الحافظ والثاني في إسناده نظر لأنه من طريق حبيب عن طاوس ولم يسمع منه .
وقد أخرجه مسلم بدون ذكر القمر وإنما اقتصر المصنف في التبويب على ذكر القمر لأن التجميع في كسوف الشمس معلوم من فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما ثبت في الأحادث الصحيحة المتقدمة وغيرها .
وقد ذهب مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء إلى أن صلاة الكسوف والخسوف تسن الجماعة فيها . وقال أبو يوسف ومحمد بل الجماعة شرط فيهما . وقال الإمام يحيى أنها شرط في الكسوف فقط .
وقال العراقيون أن صلاة الكسوف والخسوف فرادى وحكى في البحر عن أبي حنيفة ومالك أن الانفراد شرط . وحكى النووي في شرح مسلم عن مالك أنه يقول بأن الجماعة تسن في الكسوف والخسوف كما تقدم . وحكى في البحر عن العترة أنه يصح الأمران .
( احتج الأولون ) بالأحاديث الصحيحة المتقدمة وليس لمن ذهب إلى أن الانفراد شرط أو أنه أولى من التجميع دليل وأما من جوز الأمرين فقال لم يرد ما يقتضي اشتراط التجميع لأن فعله صلى الله عليه وآله وسلم لا يدل على الوجوب فضلا عن الشرطية وهو صحيح ولكنه لا ينفي أولوية التجميع