- حديث ابن عباس أخرجه أيضا الطبراني في الكبير قال في مجمع الزوائد : ورجال أحمد رجال الصحيح . وقد أخرج نحوه عبد الرزاق عن ابن عمر مرفوعا والمراد بالسابعة إما السبع بقين أو لسبع مضين بعد العشرين . وحديث معاوية سكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح .
( وفي الباب ) عن جابر بن سمرة عند الطبراني في الأوسط بنحو حديث ابن عمر . وعن ابن مسعود عند الطبراني قال : ( سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ليلة القدر فقال أيكم يذكر ليلة الصهيا [ ص 364 ] قلت أنا وذلك ليلة سبع وعشرين ) ورواه ابن أبي شيبة عن عمر وحذيفة وناس من الصحابة .
وروى عبد الرزاق عن ابن عباس قال : ( دعا عمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسألهم عن ليلة القدر فأجمعوا على أنها في العشر الأواخر قال ابن عباس فقلت لعمر إني لأعلم أو أظن أي ليلة هي قال عمر أي ليلة هي فقلت سابعة تمضي أو سابعة تبقى من العشر الأواخر فقال من أين علمت ذلك فقلت خلق الله سبع سماوات وسبع أرضين وسبعة أيام والدهر يدور في سبع والإنسان خلق من سبع ويأكل من سبع ويسجد على سبع والطواف والجمار وأشياء ذكرها فقال عمر لقد فطنت لأمر ما فطنا له ) وقد أخرج نحو هذه القصة الحاكم وإلى أن ليلة القدر ليلة السابع والعشرين ذهب جماعة من أهل العلم وقد حكاه صاحب الحلية من الشافعية عن أكثر العلماء وقد اختلف العلماء فيها على أقوال كثيرة ذكر منها في فتح الباري ما لم يذكره غيره وسنذكر ذلك على طريق الاختصار فنقول : .
( القول الأول ) أنها رفعت حكاه المتولي عن الروافض والفاكهاني عن الحنفية .
( الثاني ) أنها خاصة بسنة واحدة وقعت في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم حكاه الفاكهاني .
( الثالث ) أنها خاصة بهذه الأمة جزم به جماعة من المالكية ونقله صاحب العمدة عن الجمهور من الشافعية واعترض بحديث أبي ذر عند النسائي قال : قلت يا رسول الله أتكون مع الأنبياء فإذا ماتوا رفعت فقال هي باقية واحتجوا بما ذكره مالك في الموطأ بلاغا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تقال أعمار أمته عن أعمار الأمم الماضية فأعطاه الله ليلة القدر . قال الحافظ : وهذا محتمل للتأويل فلا يدفع التصريح في حديث أبي ذر .
( والرابع ) أنها ممكنة في جميع السنة وهو المشهور عن الحنفية وحكى عن جماعة من السلف وهو مردود بكثير من أحاديث الباب المصرحة باختصاصها برمضان .
( الخامس ) أنها مختصة برمضان ممكنة في جميع لياليه . وروي عن ابن عمر وأبي حنيفة وبه قال ابن المنذر وبعض الشافعية ورجحه السبكي .
( السادس ) أنها في ليلة معينة مبهمة قاله النسفي في منظومته .
( السابع ) أنها أول ليلة من رمضان حكى عن أبي رزين العقيلي الصحابي . وروى ابن أبي عاصم من حديث أنس قال ليلة القدر أول ليلة من رمضان قال ابن أبي عاصم : لا نعلم أحدا قال ذلك غيره .
( الثامن ) أنها ليلة النصف من رمضان حكاه ابن الملقن في شرح العمدة .
( التاسع ) أنها ليلة النصف من شعبان حكاه القرطبي في المفهم وكذا نقله السروجي [ ص 365 ] عن صاحب الطراز .
( العاشر ) أنها ليلة سبع عشرة من رمضان ودليله ما رواه ابن أبي شيبة والطبراني من حديث زيد بن أرقم قال بلا شك ولا امتراء أنها ليلة سبع عشرة من رمضان ليلة أنزل القرآن . وأخرجه أبو داود عن ابن مسعود .
( الحادي عشر ) أنها مبهمة في العشر الوسط حكاه النووي وعزاه الطبري إلى عثمان بن أبي العاص والحسن البصري وقال به بعض الشافعية .
( الثاني عشر ) أنها ليلة ثمان عشرة ذكره ابن الجوزي في مشكله .
( الثالث عشر ) ليلة تسع عشرة رواه عبد الرزاق عن علي عليه السلام وعزاه الطبري إلى زيد بن ثابت ووصله الطحاوي عن ابن مسعود .
( الرابع عشر ) أول ليلة من العشرة الآخرة وإليه مال الشافعي وجزم به جماعة من أصحابه .
( الخامس عشر ) مثل الذي قبله إن كان الشهر تاما وإن كان ناقصا فليلة إحدى وعشرين وهكذا في جميع العشر وبه جزم ابن حزم ودليله حديث أبي سعيد وعبد الله بن أنيس وأبي بكرة وسيأتي .
( السادس عشر ) ليلة اثنين وعشرين ودليله ما أخرجه أحمد من حديث عبد الله بن أنيس أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ليلة القدر وذلك صبيحة إحدى وعشرين فقال : كم الليلة قلت : ليلة اثنين وعشرين فقال : هي الليلة أو القابلة .
( السابع عشر ) ليلة ثلاث وعشرين ودليله حديث عبد الله بن أنيس الآتي وقد ذهب إلى هذا جماعة من الصحابة والتابعين .
( الثامن عشر ) أنها ليلة الرابع والعشرين ودليله ما رواه الطيالسي عن أبي سعيد مرفوعا ليلة القدر ليلة أربع وعشرين وما رواه أحمد من حديث بلال بنحوه وفيه ابن لهيعة وروي ذلك عن ابن مسعود والشعبي والحسن وقتادة .
( التاسع عشر ) ليلة خمس وعشرين حكاه ابن الجوزي في المشكل عن أبي بكرة .
( العشرون ) ليلة ست وعشرين قال الحافظ : وهو قول لم أره صريحا إلا أن عياضا قال : ما من ليلة من ليالي العشر الأخيرة إلا وقد قيل فيها أنها ليلة القدر .
( الحادي والعشرون ) ليلة سابع وعشرين وقد تقدم دليله ومن قال به .
( الثاني والعشرون ) ليلة الثامن والعشرين وهذا لم يذكره صاحب الفتح ولكن ظاهر قول عياض المتقدم أنه قد قيل أنها ليلة القدر وقد أسقط في الفتح القول الثاني والعشرين وذكر الثالث والعشرين بعد الحادي والعشرين فلعله سقط عليه حكاية هذا القول وقد ثبت في بعض النسخ ( الثالث والعشرون ) أنها ليلة تسع وعشرين حكاه ابن العربي .
( الرابع والعشرون ) أنها ليلة الثلاثين حكاه عياض ورواه محمد بن نصر عن [ ص 366 ] معاوية وأحمد عن أبي هريرة .
( الخامس والعشرون ) أنها في أوتار العشر الأخيرة ودليله حديث عائشة الآتي في آخر الباب وكذلك حديث ابن عمر . قال في الفتح : وهو أرجح الأقوال وصار إليه أبو ثور المزني وابن خزيمة وجماعة من علماء المذاهب انتهى .
( القول السادس والعشرون ) مثله بزيادة الليلة الأخيرة ويدل عليه حديث أبي بكرة الآتي وقد أخرج أحمد من حديث عبادة بن الصامت ما يدل على ذلك .
( السابع والعشرون ) تنتقل في العشر الأواخر كلها قاله أبو قلابة ونص عليه مالك والثوري وأحمد وإسحاق وزعم الماوردي أنه متفق عليه . ويدل عليه حديث أبي سعيد الآتي .
( الثامن والعشرون ) مثله إلا أن بعض ليالي العشر أرجى من بعض قال الشافعي أرجاها ليلة إحدى وعشرين .
( التاسع والعشرون ) مثل السابع والعشرين إلا أن أرجاها ليلة ثلاث وعشرين ولم يذكر في الفتح قائله .
( الثلاثون ) كذلك إلا أن أرجاها ليلة سبع وعشرين ولم يحك صاحب الفتح من قاله .
( الحادي والثلاثون ) أنها تنتقل في جميع السبع الأواخر ويدل عليه حديث ابن عمر الآتي وقد اختلف أهل هذا القول هل المراد السبع من آخر الشهر أو آخر سبعة تعد من الشهر قال في الفتح : ويخرج من ذلك القول ( الثاني والثلاثون ) القول ( الثالث والثلاثون ) أنها تنتقل في النصف الأخير ذكره صاحب المحيط عن أبي يوسف ومحمد وحكاه إمام الحرمين عن صاحب التقريب .
( الرابع والثلاثون ) ليلة ست عشرة أو سبع عشرة رواه الحارث بن أبي أسامة من حديث عبد الله بن الزبير .
( الخامس والثلاثون ) ليلة سبع عشرة أو تسع عشرة أو إحدى وعشرين رواه سعيد بن منصور من حديث أنس بإسناد ضعيف .
( السادس والثلاثون ) أول ليلة من رمضان أو آخر ليلة منه رواه ابن أبي عاصم من حديث أنس بإسناد ضعيف .
( السابع والثلاثون ) ليلة تاسع عشرة أو إحدى عشرة أو ثلاث وعشرين رواه أبو داود من حديث ابن مسعود بإسناد فيه مقال وعبد الرزاق من حديث علي بسند منقطع وسعيد بن منصور من حديث عائشة بسند منقطع أيضا .
( الثامن والثلاثون ) أول ليلة أو تاسع ليلة أو سابع عشرة أو إحدى وعشرين أو آخر ليلة رواه ابن مردويه في تفسيره عن أنس بإسناد ضعيف .
( التاسع والثلاثون ) ليلة ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين ودليله حديث ابن عباس الآتي ولأحمد نحوه من حديث النعمان بن بشير .
( القول الأربعون ) ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس [ ص 367 ] وعشرين ويدل عليه حديث ابن عباس الآتي وأخرج البخاري نحوه من حديث عبادة بن الصامت .
( الحادي والأربعون ) أنها منحصرة في السبع الأواخر ويدل عليه حديث ابن عمر الآتي وفي الفرق بينه وبين القول الحادي والثلاثين خفاء .
( الثاني والأربعون ) ليلة اثنين وعشرين أو ثلاث وعشرين ويدل عليه حديث عبد الله بن أنيس عند أحمد .
( الثالث والأربعون ) أنها في إشفاع العشر الوسط والعشر الأواخر . قال الحافظ : قرأته بخط مغلطاي .
( الرابع والأربعون ) أنها ليلة الثالثة من العشر الأواخر أو الخامسة منه رواه أحمد من حديث معاذ . قال في الفتح : والفرق بينه وبين ما تقدم أن الثالثة تحتمل ليلة ثلاث وعشرين وتحتمل ليلة سبع وعشرين .
( الخامس والأربعون ) أنها في سبع أو ثمان من أول النصف الثاني رواه الطحاوي من حديث عبد الله بن أنيس .
هذا جملة ما ذكره الحافظ في الفتح أوردناه مختصرا مع زوائد مفيدة .
ومما ينبغي أن يعد قولا خارجا عن هذه الأقوال قول الهادوية أنها في تسع عشرة وفي الإفراد بعد العشرين من رمضان واستدلوا على أنها في الإفراد بعد العشرين بما استدل به أهل القول الخامس والعشرين على أنها قد تكون في ليلة تسع عشرة بما أخرجه الطبراني من حديث أبي هريرة : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : التمسوا ليلة القدر في سبع عشرة أو تسع عشرة أو إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين أو تسع وعشرين ) قال الهيثمي بعد أن ساقه في مجمع الزوائد : فيه أبو الهزم وهو ضعيف فيكون هذا القول هو السادس والأربعين وينبغي أن يجعل ما اشتمل عليه هذا الحديث القوي السابع والأربعين وإما كونها مبهمة في جميع السنة فلا ينبغي أن يجعل قولا خارجا عن هذه الأقوال لأنه عين القول الرابع منها وأرجح هذه الأقوال هو القول الخامس والعشرون أعني أنها في أوتار العشر الأواخر قال الحافظ : وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين .
قوله : ( وإمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها ) قد ورد لليلة القدر علامات أكثرها لا تظهر إلا بعد أن تمضي منها طلوع الشمس على هذه الصفة .
وروى ابن خزيمة من حديث ابن عباس مرفوعا : ( ليلة القدر طلقة لا حارة ولا باردة تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة ) .
ولأحمد من حديث عبادة : ( لا حر فيها ولا برد وأنها ساكنة صاحية وقمرها ساطع ) وفي علاماتها أحاديث . منها عن جابر [ ص 368 ] ابن سمرة عند ابن أبي شيبة وعن جابر بن عبد الله عند ابن خزيمة وعن أبي هريرة عنده وعن ابن مسعود عند ابن أبي شيبة وعن غيرهم