- الحديث الثاني رجح الدارقطني والبيهقي وقفه وأخرجه الحاكم مرفوعا وقال صحيح الإسناد .
قوله : ( إن عمر سأل ) لم يذكر مكان السؤال . وفي رواية للبخاري أن ذلك كان بالجعرانة لما رجعوا من حنين ويستفاد منه الرد على من زعم أن اعتكاف عمر كان قبل المنع من الصيام في الليل لأن غزوة حنين متأخرة عن ذلك .
قوله : ( نذرت في الجاهلية ) زاد مسلم : فلما أسلمت سألت وفي ذلك رد على من زعم أن المراد بالجاهلية ما قبل فتح مكة وأنه إنما نذر في الإسلام وأصرح من ذلك ما أخرجه الدارقطني بلفظ : نذر أن يعتكف في الشرك .
قوله : ( أن اعتكف ليلة ) استدل به على جواز الاعتكاف يغير صوم لأن الليل ليس بوقت صوم وقد أمره صلى الله عليه وآله وسلم أن يفي بنذره على الصفة التي أوجبها وتعقب بأن في رواية لمسلم يوما بدل ليلة وقد جمع ابن حبان [ ص 360 ] وغيره بأنه نذر اعتكاف يوم وليلة فمن أطلق ليلة أراد بيومها ومن أطلق يوما أراد بليلته .
وقد ورد الأمر بالصوم في رواية أبي داود والنسائي بلفظ : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاله اعتكف وصم ) أخرجه أبو داود والنسائي من طريق عبد الله بن بديل ولكنه ضعيف وقد ذكر ابن عدي والدارقطني أنه تفرد بذلك عن عمرو بن دينار . قال في الفتح : ورواية من روى يوما شاذة وقد وقع في رواية سليمان بن بلال عند البخاري فاعتكف ليلة فدل على أنه لم يزد على نذره شيئا وأن الاعتكاف لا صوم فيه وأنه لا يشترط له حد معين .
قوله : ( ليس على المعكتف صيام ) استدل به القائلون بأنه لا يشترط الصوم في الاعتكاف وقد تقدم ذكرهم .
وقد استدل بعض القائلين بأن الصوم شرط في الاعتكاف بقوله تعالى { ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) قال : فذكر الاعتكاف عقب الصوم وتعقب بأنه ليس فيها ما يدل على تلازمهما وإلا لزم أن لا صوم إلا بالاعتكاف ولا قائل به وفي حديث عمر المذكور في الباب رد على من قال أن أقل الاعتكاف عشرة أيام وفيه أيضا دليل على أن النذر من الكافر لا يسقط عنه بالإسلام وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام على ذلك