- حديث حفصة أخرجه أبو داود ولكنه لم يسمها بل قال عن بعض أزواج [ ص 324 ] النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولفظه : ( قالت كان يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر وأول اثنين من الشهر والخميس ) وقد اختلف فيه على هنيدة بن خالد فرواه عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم . وروي عنه عن حفصة . وروي عنه عن أم سلمة وقد تقدم في كتاب العيدين أحاديث تدل على فضيلة العمل في عشر ذي الحجة على العموم والصوم مندرج تحتها .
وأما ما أخرجه مسلم عن عائشة أنها قالت : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صائما في العشر قط ) وفي رواية : ( لم يصم العشر قط ) فقال العلماء : المراد أنه لم يصمها لعارض مرض أو سفر أو غيرهما أو أن عدم رؤيتها له صائما لا يستلزم العدم على أنه قد ثبت من قوله ما يدل على مشروعية صومها كما في حديث الباب فلا يقدح في ذلك عدم الفعل . وحديث أبي قتادة روي من طريق جماعة من الصحابة منهم زيد بن أرقم وسهل بن سعد وقتادة بن النعمان وابن عمر عند الطبراني ومن حديث عائشة عند أحمد .
( وفي الباب ) عن أنس وغيره وحديث أبي هريرة أخرجه أيضا أبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي وصححه ابن خزيمة والحاكم وفي إسناده مهدي الهجري وهو مجهول . ورواه العقيلي في الضعفاء من طريقه وقال لا يتابع عليه قال وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأسانيد جياد أنه لم يصم يوم عرفة بها ولا يصح عنه النهي عن صيامه .
وحديث أم الفضل أخرج نحوه الشيخان من حديث ميمونة وأخرجه النسائي والترمذي وابن حبان من حديث ابن عمر بلفظ : ( حججت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يصم ومع أبي بكر كذلك ومع عثمان فلم يصم وأنا لا أصومه ولا آمر به ولا أنهى عنه ) .
وأخرجه النسائي من حديث ابن عباس وحديث عقبة في معناه أحاديث يأتي ذكره بعضها في باب النهي عن صوم العيدين وأيام التشريق .
قوله : ( صيام عاشوراء ) سيأتي البحث عنه وكذلك يأتي الكلام على قوله وثلاثة أيام من كل شهر .
قوله : ( والعشر ) فيه دليل على استحباب صوم عشر ذي الحجة وعلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصوم يوم عرفة ورواية أبي داود التي قدمنا بلفظ تسع ذي الحجة .
قوله : ( صوم يوم عرفة يكفر سنتين ) الخ في بعض ألفاظ الحديث : ( أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ) وقد استشكل تكفيره السنة الآتية لأن التكفير التغطية ولا تكون إلا لشيء قد وقع وأجيب بأن المراد يكفره بعد وقوعه أو المراد أنه يلطف به فلا يأتي بذنب فيها [ ص 325 ] بسبب صيامه ذلك اليوم . وقد قيد ذلك جماعة من المعتزلة وغيرهم بالصغائر . قال النووي : فإن لم تكن صغائر كفر من الكبائر وإن لم تكن كبائر كان زيادة في رفع الدرجات .
( والحديث ) يدل على استحباب صوم يوم عرفة وكذلك الأحاديث الواردة في معناه التي قدمنا الإشارة إليها وإلى ذلك ذهب عمر وعائشة وابن الزبير وأسامة بن زيد وعثمان ابن أبي العاص والعترة وكان ذلك يعجب الحسن ويحكيه عن عثمان وقال قتادة : إنه لا بأس به إذ لم يضعف عن الدعاء ونقله البيهقي في المعرفة عن الشافعي في القديم واختاره الخطابي والمتولي من الشافعية وحكى في الفتح عن الجمهور أنه يستحب إفطاره حتى قال عطاء من أفطره ليتقوى به على الذكر كان له مثل أجر الصائم وقال يحيى بن سعيد الأنصاري : إنه يجب فطر يوم عرفة للحاج .
( واعلم ) أن ظاهر حديث أبي قتادة المذكور في الباب أنه يستحب صوم يوم عرفة مطلقا . وظاهر حديث عقبة بن عامر المذكور في الباب أيضا أنه يكره صومه مطلقا لجعله قريبا في الذكر ليوم النحر وأيام التشريق وتعليل ذلك بأنها عيد وأنها أيام أكل وشرب . وظاهر حديث أبي هريرة أنه لا يجوز صومه بعرفات فيجمع بين الأحاديث بأن صوم هذا اليوم مستحب لكل أحد مكروه لمن كان بعرفات حاجا .
( والحكمة ) في ذلك أنه ربما كان مؤديا إلى الضعف عن الدعاء والذكر يوم عرفة هنالك والقيام بأعمال الحج . وقيل الحكمة أنه يوم عيد لأهل الموقف لاجتماعهم فيه ويؤيده حديث أبي قتادة . وقيل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما أفطر فيه لموافقته يوم الجمعة وقد نهى عن إفراده بالصوم كما سيأتي ويرد هذا حديث أبي هريرة المصرح بالنهي عن صومه مطلقا .
قوله : ( فشرب وهو يخطب ) فيه دليل على جواز الأكل والشرب في المحافل من غير كراهة . وفي رواية للبخاري من حديث ميمونة : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شربه والناس ينظرون إليه ) .
قوله : ( عيدنا أهل الإسلام ) فيه دليل على أن يوم عرفة وبقية أيام التشريق التي بعد يوم النحر أيام عيد