- قوله : ( أن امرأة ) هي من جهينة كما في البخاري .
قوله : ( وعليها صوم نذر ) في رواية للبخاري : ( وعليها صوم شهر ) وفي أخرى له : ( أنه أتى رجل فسأل ) وفي رواية له أيضا : ( وعليها خمسة عشر يوما ) وفي رواية أيضا : ( وعليها صوم شهرين متتابعين ) قال في الفتح : وقد ادعى بعضهم أن هذا اضطراب من الرواة والذي يظهر تعدد الواقعة وأما الاختلاف في كون السائل رجلا أو امرأة والمسؤول عنه أختا أو أما فلا يقدح في موضع الاستدلال من الحديث .
قوله : ( أرأيت ) الخ فيه مشروعية القياس [ ص 320 ] وضرب الأمثال ليكون أوضح وأوقع في نفس السامع وأقرب إلى سرعة فهمه وفيه تشبيه ما اختلف فيه وأشكل بما اتفق عليه وفيه أنه يستحب للمفتي التنبيه على وجه الدليل إذا ترتب على ذلك مصلحة وهو أطيب لنفس المستفتي وأدعى لإذعانه وسيأتي مثل هذا في الحج إن شاء الله تعالى .
قوله : ( فجاءت قرابة لها ) هذه الرواية مطلقة فينبغي أن تحمل على الرواية المقيدة بذكر البنت .
قوله : ( من مات وعليه صيام ) هذه الصيغة عامة لكل مكلف . وقوله ( صام عنه وليه ) خبر بمعنى الأمر تقديره فليصم .
( وفيه دليل ) على أنه يصوم الولي عن الميت إذا مات وعليه صوم أي صوم كان وبه قال أصحاب الحديث وجماعة من محدثي الشافعية وأبو ثور ونقل البيهقي عن الشافعي أنه علق القول به على صحة الحديث وقد صح وبه قال الصادق والناصر والمؤيد بالله والأوزاعي وأحمد بن حنبل والشافعي في أحد قوليه قال البيهقي في الخلافيات : هذه السنة ثابتة لا أعلم خلافا بين أهل الحديث في صحتها والجمهور على أن صوم الولي عن الميت ليس بواجب وبالغ إمام الحرمين ومن تبعه فادعوا الإجماع على ذلك وتعقب بأن بعض أهل الظاهر يقول بوجوبه وذهب مالك وأبو حنيفة والشافعي في الجديد إلى أنه لا يصام عن الميت مطلقا وبه قال زيد بن علي والهادي والقاسم .
وقال الليث وأحمد وإسحاق وأبو عبيد أنه لا يصام عنه إلا النذر وتمسك المانعون مطلقا بما روي عن ابن عباس أنه قال لا يصل أحد عن أحد ولا يصم أحد عن أحد أخرجه النسائي بإسناد صحيح من قوله وروى مثله عبد الرزاق عن ابن عمر من قوله وبما أخرجه عبد الرزاق عن عائشة أنها قالت : ( لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم ) قالوا فلما أفتى ابن عباس وعائشة بخلاف ما روياه دل ذلك على أن العمل على خلاف ما روياه .
قال في الفتح : وهذه قاعدة لهم معروفة إلا أن الآثار عن عائشة وابن عباس فيها مقال وليس فيها ما يمنع من الصيام إلا الأثر الذي عن عائشة وهو ضعيف جدا انتهى . وهذا بناء من صاحب الفتح على أن لفظ حديث ابن عباس باللفظ الذي ذكرناه هنالك وهو أنه قال كان لا يصوم أحد عن أحد ولكنه ذكره في التلخيص باللفظ الذي ذكرناه سابقا والحق أن الاعتبار بما رواه الصحابي لا بما رآه والكلام في هذا مبسوط في الأصول والذي روي مرفوعا صريح في الرد على المانعين وقد اعتذروا بأن المراد بقوله ( صام عنه وليه ) أي فعل عنه ما يقوم مقام الصوم وهو [ ص 321 ] الإطعام وهذا عذر بارد لا يتمسك به منصف في مقابلة الأحاديث الصحيحة ومن جملة أعذارهم أن عمل أهل المدينة على خلاف ذلك وهو عذر أبرد من الأول ومن أعذارهم أن الحديث مضطرب وهذا إن تم لهم في حديث ابن عباس لم يتم في حديث عائشة فإنه لا اضطراب فيه بلا ريب .
( وتمسك القائلون ) بأنه يجوز في النذر دون غيره بأن حديث عائشة مطلق وحديث ابن عباس مقيد فيحمل عليه ويكون المراد بالصيام صيام النذر قال في الفتح : وليس بينهما تعارض حتى يجمع بينهما فحديث ابن عباس صورة مستقلة يسأل عنها من وقعت له وأما حديث عائشة فهو تقرير قاعدة عامة وقد وقعت الإشارة في حديث ابن عباس إلى نحو هذا العموم حيث قال في آخره : ( فدين الله أحق أن يقضى ) انتهى . وإنما قال أن حديث ابن عباس صورة مستقلة يعني أنه من التنصيص على بعض أفراد العام فلا يصلح لتخصيصه ولا لتقييده كما تقرر في الأصول .
قوله : ( صام عنه وليه ) لفظ البزار : ( فليصم عنه وليه إن شاء ) قال في مجمع الزوائد : وإسناده حسن .
قال في الفتح : اختلف المجيزون في المراد بقوله وليه فقيل كل قريب . وقيل الوارث خاصة . وقيل عصبته والأول أرجح والثاني قريب . ويرد الثالث قصة المرأة التي سألت عن نذر أمها قال واختلفوا هل يختص ذلك بالولي لأن الأصل عدم النيابة في العبادة البدنية ولأنها عبادة لا يدخلها النيابة في الحياة فكذلك في الموت إلا ما ورد فيه الدليل فيقتصر على ما ورد ويبقى الباقي على الأصل وهذا هو الراجح . وقيل لا يختص بالولي فلو أمر أجنبيا بأن يصوم عنه أجزأ وقيل يصح استقلال الأجنبي بذلك وذكر الولي لكونه الغالب . وظاهر صنيع البخاري اختيار هذا الأخير وبه جزم أبو الطيب الطبري وقواه بتشبيهه صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بالدين والدين لا يختص بالقريب انتهى .
وظاهر الأحاديث أنه يصوم عنه وليه وإن لم يوص بذلك وأن من صدق عليه اسم الولي لغة أو شرعا أو عرفا صام عنه ولا يصوم عنه من ليس بولي ومجرد التمثيل بالدين لا يدل على أن حكم الصوم كحكمه في جميع الأمور .
قوله : ( وردها عليك الميراث ) فيه دليل على أنه يجوز لمن ملك قريبا له عينا من الأعيان ثم مات القريب بعد ذلك وورثه أن يتملك تلك العين وقد سبق الكلام على هذا في كتاب الزكاة .
قوله : ( قال حجي عنها ) فيه دليل على أنه يجوز [ ص 322 ] للابن أن يحج عن أمه أو أبيه وإن لم يوص وسيأتي الكلام على ذلك في الحج إن شاء الله تعالى