- حديث أبي هريرة أخرجه الدارقطني وفي إسناده عمر بن موسى بن وجيه وهو ضعيف جدا والراوي عنه إبراهيم بن نافع وهو أيضا ضعيف وروي عنه موقوفا وصححه الدارقطني كما ذكر المصنف وغيره وحديث ابن عمر أخرجه الترمذي عن قتيبة عن عبثر بن القاسم عن أشعث عن محمد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا وقال غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه والصحيح أنه موقوف على ابن عمر قال وأشعث هو ابن سوار ومحمد هو ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى .
قال الحافظ : ورواه ابن ماجه من هذا الوجه ووقع عنده عن محمد بن سيرين بدل محمد بن عبد الرحمن وهو وهم منه أو من شيخه . وقال الدارقطني : المحفوظ وقفه على ابن عمر وتابعه البيهقي على ذلك . وأثر ابن عباس صححه الحافظ وأخرجه الدارقطني وسعيد بن منصور والبيهقي وعبد الرزاق موصولا وعلقه البخاري . قال عبد الحق في أحكامه : لا يصح في الإطعام شيء يعني مرفوعا وكذا قال في الفتح .
قوله : ( فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان ) استدل بهذا على أن عائشة كانت لا تتطوع [ ص 318 ] بشيء من الصيام ولا في عشر ذي الحجة ولا عاشوراء ولا غير ذلك وهذا الاستدلال إنما يتم بعد تسليم أنها كانت ترى أنه لا يجوز صيام التطوع لمن عليه دين من رمضان ومن أين لقائله ذلك .
قوله : ( وذلك لمكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ) هذا لفظ مسلم . وفي لفظ للبخاري : ( الشغل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ) وفي رواية للترمذي وابن خزيمة : ( أنها قالت ما قضيت شيئا مما يكون علي من رمضان إلا في شعبان حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ) .
( وفي الحديث ) دلالة على جواز تأخير قضاء رمضان مطلقا سواء كان لعذر أو لغير عذر لأن الزيادة أعني قوله وذلك لمكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد جزم بأنها مدرجة جماعة من الحفاظ كما في الفتح ولكن الظاهر إطلاع النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك لا سيما مع توفر دواعي أزواجه إلى سؤاله عن الأحكام الشرعية فيكون ذلك أعني جواز التأخير مقيدا بالعذر المسوغ لذلك .
قوله : ( ويطعم كل يوم مسكينا ) استدل به وبما ورد في معناه من قال بأنها تلزم الفدية من لم يصم ما فات عليه في رمضان حتى حال عليه رمضان آخر وهم الجمهور وروي عن جماعة من الصحابة منهم ابن عمر وابن عباس وأبو هريرة وقال الطحاوي عن يحيى بن أكثم قال وجدته عن ستة من الصحابة لا أعلم لهم مخالفا . وقال النخعي وأبو حنيفة وأصحابه أنها لا تجب الفدية لقوله تعالى { فعدة من أيام أخر } ولم يذكرها وأجيب بأنها قد ذكرت في الحديث كما تقدم ويدل على ثبوتها قوله تعالى { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين } قال في البحر : ونسخ التخيير لا ينسخ وجوبها على من أفطر مطلقا إلا ما خصه الإجماع وقال أبو العباس : إن ترك الأداء لغير عذر وجبت وإلا فلا .
وحكى في البحر عن الشافعي أنه إن ترك القضاء حتى حال لغير عذر لزمه وإلا فلا وأجيب عن هذين القولين بأن الحديث لم يفرق وقد بينا أنه لم يثبت في ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيء وأقوال الصحابة لا حجة فيها وذهاب الجمهور إلى قول لا يدل على أنه الحق والبراءة الأصلية قاضية بعدم وجوب الاشتغال بالأحكام التكليفية حتى يقوم الدليل الناقل عنها ولا دليل ههنا فالظاهر عدم الوجوب .
( وقد اختلف القائلون ) بوجوب الفدية هل يسقط القضاء بها أم لا فذهب الأكثر منهم إلى أنه لا يسقط . وقال ابن عباس وابن عمر وقتادة وسعيد بن [ ص 319 ] المسيب أنه يسقط والخلاف في مقدار الفدية ههنا كالخلاف في مقدارها في حق الشيخ العاجز عن الصوم وقد تقدم بيانه .
قوله : ( إذا مرض الرجل في رمضان ) الخ استدل به على وجوب الإطعام من تركة من مات في رمضان بعد أن فات عليه بعضه وفيه خلاف والظاهر عدم الوجوب لأن قول الصحابة لا حجة فيه ووقع التردد فيمن مات آخر شعبان وقد رجح في البحر عدم الوجوب لأن الأصل البراءة .
قوله : ( وإن نذر قضى عنه وليه ) سيأتي البحث عن هذا قريبا