- الحديث أخرجه أيضا ابن خزيمة وابن حبان وصححاه مرفوعا وأخرجه أيضا الدارقطني قال في التلخيص : واختلف الأئمة في رفعه ووقفه فقال ابن أبي حاتم عن أبيه : لا أدري أيهما أصح يعني رواية يحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن سالم أو رواية إسحاق بن حازم عن عبد الله بن أبي بكر عن سالم بغير واسطة الزهري لكن الوقف أشبه . وقال أبو داود : لا يصح رفعه وقال الترمذي : الموقوف أصح ونقل في العلل عن البخاري أنه قال : هو خطأ وهو حديث فيه اضطراب والصحيح عن ابن عمر موقوف وقال النسائي : الصواب عندي موقوف ولم يصح [ ص 270 ] رفعه . وقال أحمد : ما له عندي ذلك الإسناد . وقال الحاكم في الأربعين : صحيح على شرط الشيخين . وقال في المستدرك : صحيح على شرط البخاري . وقال البيهقي : رواته ثقات إلا أنه روي موقوفا . وقال الخطابي : أسنده عبد الله بن أبي بكر والزيادة من الثقة مقبولة . وقال ابن حزم : الاختلاف فيه يزيد الخبر قوة وقال الدارقطني : كلهم ثقات انتهى كلام التلخيص . وقد تقرر في الأصول وعلم الاصطلاح أن الرفع من الثقة زيادة مقبولة وإنما قال ابن حزم إن الاختلاف يزيد الخبر قوة لأن من رواه مرفوعا فقد رواه موقوفا باعتبار الطرق .
( وفي الباب ) عن عائشة عند الدارقطني وفيه عبد الله بن عباد وهو مجهول وقد ذكره ابن حبان في الضعفاء وعن ميمونة بنت سعد عند الدارقطني أيضا بلفظ : ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : من أجمع الصيام من الليل فليصم ومن أصبح ولم يجمعه فلا يصم ) وفي إسناده الواقدي .
( والحديث ) فيه دليل على وجوب تبييت النية وإيقاعها في جزء من أجزاء الليل وقد ذهب إلى ذلك ابن عمر وجابر بن يزيد من الصحابة والناصر والمؤيد بالله ومالك والليث وابن أبي ذئب ولم يفرقوا بين الفرض والنفل .
وقال أبو طلحة وأبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل والهادي والقاسم : إنه لا يجب التبييت في التطوع ويروى عن عائشة أنها تصح النية بعد الزوال . وروي عن علي عليه السلام والناصر وأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي أنها لا تصح النية بعد الزوال . وقالت الهادوية وروي عن علي وابن مسعود والنخعي أنه لا يجب التبييت إلا في صوم القضاء والنذر المطلق والكفارات وأن وقت النية في غير هذه من غروب شمس اليوم الأول إلى بقية من نهار اليوم الذي صامه .
وقد استدل القائلون بأنه لا يجب التبييت بحديث سلمة بن الأكوع والربيع عند الشيخين : ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر رجلا من أسلم أن أذن في الناس إذ فرض صوم عاشوراء الأكل من أكل فليمسك ومن لم يأكل فليصم ) .
وأجيب بأن خبر حفصة متأخر فهو ناسخ لجوازها في النهار ولو سلم عدم النسخ فالنية إنما صحت في نهار عاشوراء لكن الرجوع إلى الليل غير مقدور والنزاع فيما كان مقدورا فيخص الجواز بمثل هذه الصورة أعني من ظهر له وجوب الصيام عليه من النهار كالمجنون يفيق والصبي يحتلم والكافر يسلم وكمن انكشف له في النهار أن ذلك اليوم من رمضان . واستدلوا [ ص 271 ] أيضا بحديث عائشة الآتي وسيأتي الجواب عنه .
( والحاصل ) أن قوله لا صيام نكرة في سياق النفي فيعم كل صيام ولا يخرج عنه إلا ما قام الدليل على أنه لا يشترط فيه التبييت والظاهر أن النفي متوجه إلى الصحة لأنها أقرب المجازين إلى الذات أو متوجه إلى نفي الذات الشرعية فيصلح الحديث للاستدلال به على عدم صحة صوم من لا يبيت النية إلا ما خص كالصورة المتقدمة .
والحديث أيضا يرد على الزهري وعطاء وزفر لأنهم لم يوجبوا النية في صوم رمضان وهو يدل على وجوبها .
ويدل أيضا على الوجوب حديث إنما الأعمال بالنيات والظاهر وجوب تجديدها لكل يوم لأنه عبادة مستقلة مسقطة لفرض وقتها وقد وهم من قاس أيام رمضان على أعمال الحج باعتبار التعدد للأفعال لأن الحج عمل واحد ولا يتم إلا بفعل ما اعتبره الشارع من المناسك والإخلال بواحد من أركانه يستلزم عدم إجزائه .
قوله : ( يجمع ) أي يعزم يقال أجمعت على الأمر أي عزمت عليه . قال المنذري : يجمع بضم الياء آخر الحروف وسكون الجيم من الإجماع وهو أحكام النية والعزيمة يقال أجمعت الرأي وأزمعت بمعنى واحد