- الحديث الأول هو من رواية حفص بن عياث عن أشعث عن عون بن أبي جحفة عن أبيه وهؤلاء ثقات إلا أشعث بن سوار ففيه مقال . وقد أخرج له مسلم متابعة . قال الترمذي بعد ذكر الحديث : وفي الباب عن ابن عباس .
والحديث الثاني سكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح إلا إبراهيم بن عطاء وهو صدوق .
والحديث الثالث أخرجه أيضا سعيد بن منصور بإسناد صحيح إلى طاوس بلفظ : ( من انتقل من مخلاف عشيرته فصدقته وعشره في مخلاف عشيرته ) .
( وفي الباب ) عن معاذ عند الشيخين : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما بعثه إلى اليمن قال له : خذها من أغنيائهم وضعها في فقرائهم ) وقد استدل بهذه الأحاديث على مشروعية صرف زكاة كل بلد في فقراء أهله وكراهية صرفها في غيرهم . وقد روي عن مالك والشافعي والثوري أنه لا يجوز صرفها في غير فقراء البلد . وقال غيرهم : إنه يجوز مع كراهة لما علم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يستدعي الصدقات من الأعراب إلى المدينة ويصرفها في فقراء المهاجرين والأنصار كما أخرج النسائي من حديث عبد الله بن هلال الثقفي قال : ( جاء رجل إلى رسول [ ص 216 ] الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : كدت أقتل بعدك في عناق أو شاة من الصدقة فقال صلى الله عليه وآله وسلم : لولا أنها تعطى فقراء المهاجرين ما أخذتها ) ولما أخرجه البيهقي وعلقه البخاري عن معاذ : ( أنه قال لأهل اليمن : ائتوني بكل خميس ولبيس آخذه منكم مكان الصدقة فإنه أرفق بكم وأنفع للمهاجرين والأنصار بالمدينة ) وفيه انقطاع . وقال الإسماعيلي : إنه مرسل فلا حجة فيه لا سيما مع معارضته لحديثه المتفق عليه الذي تقدم وقد قال فيه بعض الرواة من الجزية بدل قوله الصدقة . أو يحمل على أنه بعد كفاية من في اليمن وإلا فما كان معاذ ليخالف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
قوله : ( من مخلاف ) الخ فيه دليل على أن من انتقل من بلد إلى بلد كان زكاة ماله لأهل البلد الذي انتقل منه مهما أمكن إيصال ذلك إليهم