- حديث علي أخرجه أيضا الحاكم والدارقطني والبيهقي وفيه اختلاف ذكره الدارقطني ورجح إرساله وكذا رجحه أبو داود وقال الشافعي : لا أدري أثبت أم لا يعني هذا الحديث . ويشهد له ما أخرجه البيهقي عن علي : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : إنا كنا احتجنا فأسلفنا العباس صدقة عامين ) رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعا ويعضده أيضا حديث أبي هريرة المذكور بعده .
قوله : ( ينقم ) بكسر القاف وفتحها والكسر أفصح وابن جميل هذا قال ابن الأثير : لا يعرف اسمه لكن وقع في تعليق القاضي حسين الشافعي وتبعه الروياني أن اسمه عبد الله وذكر الشيخ سراج الدين بن الملقن أن بعضهم سماه حميدا ووقع في رواية ابن جريح أبو جهم بن حذيفة بدل ابن جميل وهو خطأ لإطباق الجميع على ابن جميل . وقوله الأكثر أنه كان أنصاريا وأما أبو جهم بن حذيفة فهو قرشي فافترقا .
قوله : ( وأعتاده ) جمع عتاد بفتح العين المهملة بعدها فوقية وبعد الألف دال مهملة والأعتاد آلات الحرب من السلاح والدواب وغيرها ويجمع أيضا على أعتدة . ومعنى ذلك أنهم طلبوا من خالد زكاة أعتاده ظنا منهم أنها للتجارة وأن الزكاة فيها واجبة فقال لهم : لا زكاة فيها علي فقالوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن خالدا منع الزكاة فقال : إنكم تظلمونه لأنه حبسها ووقفها في سبيل الله تعالى قبل الحول عليها فلا زكاة فيها ويحتمل أن يكون المراد لو وجبت عليه زكاة لأعطاها ولم يشح بها لأنه قد وقف أمواله لله تعالى متبرعا فكيف يشح واجب عليه . واستنبط بعضهم من هذا وجوب زكاة التجارة وبه قال جمهور السلف والخلف خلافا لداود ( وفيه دليل ) على صحة الوقف وصحة وقف المنقول وبه قالت الأمة بأسرها إلا أبا حنيفة وبعض الكوفيين وقال بعضهم : هذه الصدقة التي منعها ابن جميل وخالد والعباس لم تكن زكاة إنما كانت صدقة تطوع حكاه القاضي عياض قال : ويؤيده أن عبد الرزاق روى هذا الحديث وذكر في روايته : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ندب الناس إلى الصدقة ) وذكر تمام الحديث قال ابن القصار من المالكية : وهذا التأويل [ ص 214 ] أليق بالقصة ولا يظن بالصحابة منع الواجب وعلى هذا فعذر خالد واضح لأنه أخرج ماله في سبيل الله فما بقي له مال يحتمل المواساة بصدقة التطوع ويكون ابن جميل شح بصدقة التطوع فعتب عليه . وقال في العباس هي علي ومثلها معها أي أنه لا يمتنع إذا طلبت منه انتهى كلام ابن القصار . قال القاضي عياض : ولكن ظاهر الأحاديث في الصحيحين أنها في الزكاة لقوله : ( بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمر على الصدقة ) وإنما كان يبعث في الفريضة ورجح هذا النووي .
قوله : ( فهي علي ومثلها معها ) مما يقوي أن المراد بهذا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبرهم أنه تعجل من العباس صدقة عامين ما أخرجه أبو داود الطيالسي من حديث أبي رافع : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمر : إنا كنا تعجلنا صدقة مال العباس عام الأول ) وما أخرجه الطبراني والبزار من حديث ابن مسعود : ( أنه صلى الله عليه وآله وسلم تسلف من العباس صدقة عامين ) وفي إسناده محمد بن ذكوان وهو ضعيف . ورواه البزار من حديث موسى ابن طلحة عن أبيه نحوه وفي إسناده الحسن بن عمارة وهو متروك . ورواه الدارقطني من حديث ابن عباس وفي إسناده مندل بن علي والعرزمي وهما ضعيفان والصواب أنه مرسل ومما يرجح أن المراد ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لو أراد أن يتحمل ما عليه لأجل امتناعه لكفاه أن يتحمل مثلها من غير زيادة وأيضا الحمل على الامتناع فيه سوء ظن بالعباس .
( والحديثان ) يدلان على أنه يجوز تعجيل الزكاة قبل الحول ولو لعامين وإلى ذلك ذهب الشافعي وأحمد وأبو حنيفة وبه قال الهادي والقاسم . قال المؤيد بالله وهو أفضل وقال مالك وربيعة وسفيان الثوري وداود وأبو عبيد بن الحارث . ومن أهل البيت الناصر إنه لا يجزئ حتى يحول الحول واستدلوا بالأحاديث التي فيها تعليق الوجوب بالحول وقد تقدمت . وتسليم ذلك لا يضر من قال بصحة التعجيل لأن الوجوب متعلق بالحول بلا نزاع وإنما النزاع في الإجزاء قبله [ ص 215 ]