- حديث أبي سعيد المشار إليه هو متفق عليه . ولفظه في البخاري : ( ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة وليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة ) وحديث علي هو من حديث أبي إسحاق عن الحارث الأعور وعاصم بن ضمرة عنه وقد تقدم أن البخاري قال : كلاهما عنده صحيح وقد حسنه الحافظ والحارث ضعيف وقد كذبه ابن المديني وغيره وروى عن ابن معين توثيقه وعاصم وثقه ابن المديني وقال النسائي : ليس به بأس .
قوله : ( خمس أواق ) بالتنوين وبإثبات التحتية مشددا ومخففا جمع أوقية بضم الهمزة وتشديد التحتانية وحكى اللحياني وقية بحذف الألف وفتح الواو . قال في الفتح : ومقدار الأوقية في هذا الحديث أربعون درهما بالاتفاق والمراد بالدرهم الخالص من الفضة سواء كان مضروبا أو غير مضروب . قال عياض : قال أبو عبيد : إن الدرهم لم يكن معلوم القدر حتى جاء عبد الملك بن مروان فجمع العلماء فجعل كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل قال : وهذا يلزم منه أن يكون صلى الله عليه وآله وسلم أحال نصاب الزكاة على أمر مجهول وهو مشكل والصواب أن معنى ما نقل من ذلك أنه لم يكن شيء منها من ضرب الإسلام وكانت مختلفة في الوزن فعشرة مثلا وزن عشرة وعشرة وزن ثمانية فاتفق الرأي على أن تنقش بالكتابة العربية ويصير وزنها وزنا [ ص 200 ] واحدا وقال غيره : لم يتغير المثقال في جاهلية ولا إسلام . وأما الدرهم فأجمعوا على أن كل سبعة مثاقيل عشرة دراهم انتهى .
قوله : ( من الورق ) قد تقدم الكلام عليه وكذا تقدم الكلام على قوله خمس ذود .
قوله : ( خمسة أوسق ) جمع وسق بفتح الواو ويجوز كسرها كما حكاه صاحب المحكم وجمعه حينئذ أوساق كحمل وأحمال وهو ستون صاعا بالاتفاق وقد وقع في رواية ابن ماجه من طريق أبي البختري عن أبي سعيد نحو هذا الحديث وفيه : ( والوسق ستون صاعا ) وأخرجها أبو داود أيضا لكن قال : ( ستون مختوما ) وللدارقطني من طريق عائشة : ( الوسق ستون صاعا ) وفيه دليل على أن الزكاة لا تجب فيما دون خمسة أوسق وسيأتي البحث عن ذلك .
قوله : ( عشرون دينارا ) الدينار مثقال والمثقال درهم وثلاثة أسباع درهم والدرهم ستة دوانيق والدانق قيراطان والقيراط طسوجان والطسوج حبتان والحبة سدس ثمن درهم وهو جزء من ثمانية وأربعين جزءا من درهم كذا في القاموس في فصل الميم من حرف الكاف ( وفيه دليل ) على أن نصاب الذهب عشرون دينارا وإلى ذلك ذهب الأكثر وروي عن الحسن البصري أن نصابه أربعون وروي عنه مثل قول الأكثر ونصابه معتبر في نفسه . وقال طاوس : إنه يعتبر في نصابه التقويم بالفضة فما بلغ منه ما يقوم بمائتي درهم وجبت فيه الزكاة ويرده الحديث .
قوله : ( وحال عليه الحول ) فيه دليل على اعتبار الحول في زكاة الذهب ومثله الفضة وإلى ذلك ذهب الأكثر . وذهب ابن عباس وابن مسعود والصادق والباقر والناصر وداود إلى أنه يجب على المالك إذا استفاد نصابا أن يزكيه في الحال تمسكا بقوله ( في الرقة ربع العشر ) وهو مطلق مقيد بهذا الحديث فاعتبار الحول لا بد منه والضعف الذي في حديث الباب منجبر بما عند ابن ماجه والدارقطني والبيهقي والعقيلي من حديث عائشة من اعتبار الحول . وفي إسناده حارثة بن أبي الرجال وهو ضعيف وبما عند الدارقطني والبيهقي من حديث ابن عمر مثله وفيه إسماعيل بن عياش وحديثه عن غير أهل الشام ضعيف وبما عند الدارقطني من حديث أنس وفيه حسان بن سياه وهو ضعيف .
قوله : ( ففيها نصف دينار ) فيه دليل على أن زكاة الذهب ربع العشر ولا أعلم فيه خلافا [ ص 201 ]