- قصة أبي قحافة قد تقدم الكلام عليها وفي هذه الرواية زيادة الأمر بتغيير بياض اللحية وحديث أنس وإنكاره لخضاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعارضه ما سيأتي من حديث ابن عمر ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصفر لحيته بالورس والزعفران ) وما سبق من حديثه أنه كان يصبغ بالصفرة وما في الصحيحين وإن كان أرجح مما كان خارجا عنهما ولكن عدم علم أنس بوقوع الخضاب منه صلى الله عليه وآله وسلم لا يستلزم العدم ورواية من أثبت أولى من روايته لأن غاية ما في روايته أنه لم يعلم وقد علم غيره . وأيضا قد ثبت في صحيح البخاري ما يدل على اختضابه كما سيأتي على أنه لو فرض عدم ثبوت اختضابه لما كان قادحا في سنية الخضاب لورود الإرشاد إليها قولا في الأحاديث الصحيحة .
قال ابن القيم : واختلف الصحابة في خضابه صلى الله عليه وآله وسلم فقال أنس : لم يخضب وقال أبو هريرة : خضب . وقد روى حماد بن سلمة عن حميد عن أنس قال : ( رأيت شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مخضوبا ) قال حماد : وأخبرني عبد الله بن محمد بن عقيل قال : ( رأيت شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند أنس بن مالك مخضوبا ) .
وقالت طائفة كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما يكثر الطيب قد احمر شعره فكان يظن مخضوبا ولم يخضب انتهى .
وقد أثبت اختضابه [ ص 147 ] صلى الله عليه وآله وسلم مع ابن عمر أبو رمثة كما سيأتي .
قوله ( الكتم ) في القاموس والكتم محركة والكتمان بالضم نبت يخلط بالحناء ويخضب به الشعر انتهى . وهو النبت المعروف بالوسمة يعني ورق النيل وفي كتب الطب أنه نبت من نبت الجبال ورقه كورق الآس يخضب به مدقوقا