- قوله : ( حتى تخلفكم ) بضم أوله وفتح المعجمة وتشديد اللام المكسورة أي تترككم ورائها .
قوله : ( مر بنا ) في رواية الكشميهني مرت بفتح الميم .
قوله : ( فقال إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها ) زاد البيهقي : ( إن الموت فزع ) وكذا لمسلم من وجه آخر . قال القرطبي : معناه أن الموت يفزع . قال البيضاوي : وهو مصدر جرى مجرى الوصف للمبالغة أو فيه تقدير أي الموت ذو فزع . ويؤيد ذلك ما رواه ابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ : ( إن للموت فزعا ) وعن ابن عباس مثله عند البزار .
قوله : ( أليست نفسا ) هذا لا يعارض التعليل المتقدم حيث قال : إن للموت فزعا . وكذا ما أخرج الحاكم عن أنس مرفوعا : ( إنما قمنا للملائكة ) ونحوه لأحمد من حديث أبي موسى ولأحمد وابن حبان والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا : إنما تقومون إعظاما للذي يقبض النفوس . ولفظ ابن حبان : إعظاما لله تعالى الذي يقبض الأرواح فإن ذلك لا ينافي التعليل السابق لأن القيام للفزع من الموت فيه تعظيم لأمر الله تعالى وتعظيم للقائمين بأمره في ذلك وهم الملائكة . فأما ما أخرجه أحمد من حديث الحسن بن علي قال : إنما قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تأذيا بريح اليهود . زاد الطبراني : [ ص 122 ] فأذاه ريح بخورها . وللطبراني والبيهقي من وجه آخر عنه كراهية أن يعلو على رأسه فإن ذلك لا يعارض الأخبار الأولى الصحيحة أما أولا فلأن أسانيد هذه لا تقاوم تلك في الصحة وأما ثانيا فلأن التعليل بذلك راجع إلى ما فهمه الراوي والتعليل الماضي صريح من لفظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكأن الراوي لم يسمع التصريح بالتعليل منه صلى الله عليه وآله وسلم فعلل باجتهاده ومقتضى التعليل بقوله ( أليست نفسا ) أن ذلك يستحب لكل جنازة .
( واختلف العلماء ) في هذه المسألة فذهب أحمد وإسحاق وابن حبيب وابن الماجشون إن القيام للجنازة لم ينسخ والقعود منه صلى الله عليه وآله وسلم كما في حديث علي الآتي إنما هو لبيان الجواز فمن جلس فهو في سعة ومن قام فله أجر . وكذا قال ابن حزم إن قعوده صلى الله عليه وآله وسلم بعد أمره بالقيام يدل على أن الأمر للندب ولا يجوز أن يكون نسخا . قال النووي : والمختار أنه مستحب وبه قال المتولي وصاحب المهذب من الشافعية . وممن ذهب إلى استحباب القيام ابن عمر وابن مسعود وقيس بن سعد وسهل بن حنيف كما يدل على ذلك الروايات المذكورة في الباب . وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي : إن القيام منسوخ بحديث علي الآتي . قال الشافعي : إما أن يكون القيام منسوخا أو يكون لعلة وأيهما كان فقد ثبت أنه تركه بعد فعله والحجة في الآخر من أمره والقعود أحب إلي انتهى . وسيأتي بيان ما هو الحق . وظاهر أحاديث الباب أنه يشرع القيام لجنازة المسلم والكافر كما تقدم