- حديث ابن عمر أخرجه أيضا الحاكم وهو صحيح كما قال الترمذي وله طريق أخرى عند الطبراني في الأوسط وفيها جابر الجعفي وهو متروك . وحديث أبي سعيد أخرجه أيضا الحاكم وصححه وحسنه الحافظ في الفتح وفي إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل وفيه مقال .
( وفي الباب ) عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند ابن ماجه بنحو حديث ابن عباس . وعن علي عند البزار من طريق الوليد بن سريع مولى عمرو بن حريث قال : ( خرجنا مع أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب في يوم عيد فسأله قوم من أصحابه عن الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها فلم يرد عليهم شيئا ثم جاء قوم فسألوه فما رد عليهم شيئا فلما انتهينا إلى الصلاة فصلى بالناس فكبر سبعا وخمسا ثم خطب الناس ثم نزل فركب فقالوا : يا أمير المؤمنين هؤلاء قوم يصلون قال : فما عسيت أن أصنع سألتموني عن السنة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يصل قبلها ولا بعدها فمن شاء فعل ومن شاء ترك أتروني أمنع قوما يصلون فأكون بمنزلة من منع عبدا إذا صلى ) .
قال العراقي : وفي إسناده إبراهيم بن محمد بن النعمان الجعفي لم أقف على حاله وباقي رجاله ثقات .
وعن ابن مسعود عند الطبراني في الكبير قال : ( ليس من السنة الصلاة قبل خروج الإمام يوم العيد ) ورجاله ثقات .
وعن كعب بن عجرة عند الطبراني في الكبير أيضا من طريق عبد الملك بن كعب بن عجرة قال : ( خرجت مع كعب بن عجرة يوم العيد إلى المصلى فجلس قبل أن يأتي الإمام ولم يصل حتى انصرف الإمام والناس ذاهبون كأنهم عنق نحو المسجد فقلت : ألا ترى فقال : هذه بدعة وترك للسنة ) وفي رواية له : ( أن كثيرا مما يرى جفاء وقلة علم أن هاتين الركعتين سبحة هذا اليوم حتى تكون الصلاة تدعوك ) وإسناده جيد كما قال العراقي .
وعن ابن أبي أوفى عند الطبراني في الكبير أيضا أنه أخبر : ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يصل قبل العيد ولا بعدها ) وفي إسناده قائد أبي الورقاء وهو متروك .
قوله : ( لم يصل قبلها ولا بعدها ) فيه وفي بقية أحاديث الباب دليل على كراهة الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها وإلى ذلك ذهب أحمد بن حنبل قال ابن قدامة : وهو مذهب ابن عباس وابن عمر قال : وروي ذلك عن علي وابن مسعود وحذيفة وبريدة وسلمة بن الأكوع وجابر وابن أبي أوفى . وقال به شريح وعبد الله بن مغفل ومسروق والضحاك والقاسم وسالم ومعمر وابن جريج والشعبي ومالك [ ص 372 ] وروي عن مالك أنه قال : لا يتطوع في المصلى قبلها ولا بعدها وله في المسجد روايتان .
وقال الزهري : لم أسمع أحدا من علمائنا يذكر أن أحدا من سلف هذه الأمة كان يصلي قبل تلك الصلاة ولا بعدها .
قال ابن قدامة : وهو إجماع كما ذكرنا عن الزهري وعن غيره انتهى . ويرد دعوى الإجماع ما حكاه الترمذي عن طائفة من أهل العلم من الصحابة وغيرهم أنهم رأوا جواز الصلاة قبل العيد وبعدها وروى ذلك العراقي عن أنس بن مالك وبريدة بن الحصيب ورافع بن خديج وسهل بن سعد وعبد الله بن مسعود وعلي ابن أبي طالب وأبي برزة قال : وبه قال من التابعين إبراهيم النخعي وسعيد ابن جبير والأسود بن يزيد وجابر بن زيد والحسن البصري وأخوه سعيد بن أبي الحسن وسعيد بن المسيب وصفوان بن محرز وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعروة ابن الزبير وعلقمة والقاسم بن محمد ومحمد بن سيرين ومكحول وأبو بردة ثم ذكر من روى ذلك عن الصحابة المذكورين من أئمة الحديث قال : وأما أقوال التابعين فرواها ابن أبي شيبة وبعضها في المعرفة للبيهقي انتهى .
ومما يدل على فساد دعوى ذلك الإجماع ما رواه ابن المنذر عن أحمد أنه قال الكوفيون يصلون بعدها لا قبلها والبصريون يصلون قبلها لا بعدها والمدنيون لا قبلها ولا بعدها . قال في الفتح : وبالأول قال الأوزاعي والثوري والحنفية وبالثاني قال الحسن البصري وجماعة وبالثالث قال الزهري وابن جريج وأحمد وأما مالك فمنعه في المصلى وعنه في المسجد روايتان انتهى .
وحمل الشافعي أحاديث الباب على الإمام قال : فلا يتنفل قبلها ولا بعدها وأما المأموم فمخالف له في ذلك نقل ذلك عنه البيهقي في المعرفة وهو نصه في الأم . وقال النووي في شرح مسلم : قال الشافعي وجماعة من السلف : لا كراهة في الصلاة قبلها ولا بعدها قال الحافظ : إن حمل كلامه على المأموم وإلا فهو مخالف لنص الشافعي .
( وقد أجاب القائلون ) بعدم كراهة الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها عن أحاديث الباب بأجوبة منها جواب الشافعي المتقدم . ومنها ما قاله العراقي في شرح الترمذي من أنه ليس فيها نهي عن الصلاة في هذه الأوقات ولكن لما كان صلى الله عليه وآله وسلم يتأخر مجيئه إلى الوقت الذي يصلي بهم فيه ويرجع عقب الخطبة روى عنه من روى من أصحابه أنه كان لا يصلي قبلها ولا بعدها ولا يلزم من تركه لذلك لاشتغاله بما هو مشروع في حقه من التأخر إلى وقت الصلاة أن غيره لا يشرع ذلك له ولا يستحب فقد روى عنه غير واحد من الصحابة أنه صلى الله [ ص 373 ] عليه وآله وسلم لم يكن يصلي الضحى وصح ذلك عنهم وكذلك لم ينقل عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى سنة الجمعة قبلها لأنه إنما كان يؤذن للجمعة بين يديه وهو على المنبر .
قال البيهقي : يوم العيد كسائر الأيام والصلاة مباحة إذا ارتفعت الشمس حيث كان المصلى ويدل على عدم الكراهة حديث أبي ذر قال : ( قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : الصلاة خير موضوع فمن شاء استكثر ومن شاء استقل ) رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في صحيحه .
قال الحافظ في الفتح : والحاصل أن صلاة العيد لم تثبت لها سنة قبلها ولا بعدها خلافا لمن قاسها على الجمعة وأما مطلق النفل فلم يثبت فيه منع بدليل خاص إلا إن كان ذلك في وقت الكراهة في جميع الأيام انتهى .
وكذا قال العراقي في شرح الترمذي وهو كلام صحيح جار على مقتضى الأدلة فليس في الباب ما يدل على منع مطلق النفل ولا على منع ما ورد فيه دليل يخصه كتحية المسجد إذا أقيمت صلاة العيد في المسجد وقد قدمنا الإشارة إلى مثل هذا في باب تحية المسجد نعم في التلخيص ما لفظه : وروى أحمد من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا : ( لا صلاة يوم العيد قبلها ولا بعدها ) فإن صح هذا كان دليلا على المنع مطلقا لأنه نفى في قوة النهي وقد سكت عليه الحافظ فينظر فيه .
قوله : ( فجعلت المرأة ) المراد بالمرأة جنس النساء .
قوله : ( تصدق بخرصها ) هو الحلقة الصغيرة من الحلي . وفي القاموس الخرص بالضم ويكسر حلقة الذهب والفضة أو حلقة القرط أو الحلقة الصغيرة من الحلي انتهى .
قوله : ( وسخابها ) بسين مهملة مكسورة بعدها خاء معجمة وهو خيط تنظم فيه الخرزات . وفي القاموس أن السخاب ككتاب قلادة من سك وقرنفل ومحلب بلا جوهر انتهى .
ولهذا الحديث ألفاظ مختلفة وفيه استحباب وعظ النساء وتعليمهن أحكام الإسلام وتذكيرهن بما يجب عليهن واستحباب حثهن على الصدقة وتخصيصهن بذلك في مجلس منفرد