- الحديث قال ابن منده : إسناده مجمع على صحته . وقال النووي : غلط بعض الأئمة الكبار فزعم أن البخاري لم يخرجه وهو خطأ منه وقد أخرجه من حديث مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة وليس هو في الموطأ من هذا الوجه بل هو فيه عن ابن شهاب عن حميد عن أبي هريرة قال : ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء ) ولم يصرح برفعه . قال ابن عبد البر : وحكمه الرفع وقد رواه الشافعي عن مالك مرفوعا .
وفي الباب عن زيد بن خالد عند الترمذي وأبي داود وعن علي عند أحمد وعن أم حبيبة عند أحمد أيضا وعن عبد الله بن عمرو وسهل بن سعد وجابر وأنس عند أبي نعيم قال الحافظ : وإسناد بعضها حسن . وعن ابن الزبير عند الطبراني وعن ابن عمر وجعفر بن أبي طالب عند الطبراني أيضا .
والحديث يدل على أن السواك غير واجب وعلى شرعيته عود الوضوء وعند الصلاة لأنه إذا ذهب الوجوب بقي الندب كما تقدم وعلى أن الأمر للوجوب لأن كلمة لولا تدل على انتفاء الشيء لوجود غيره فيدل على انتفاء الأمر لوجود المشقة والمنفي لأجل المشقة إنما هو الوجوب لا الاستحباب فإن استحباب السواك ثابت عند كل صلاة فيقتضي ذلك أن الأمر للوجوب وفيه خلاف في الأصول على أقوال .
ويدل الحديث أيضا على أن المندوب غير مأمور به لمثل ما ذكرناه وفيه أيضا خلاف في الأصول مشهور .
ويدل أيضا على أن للنبي A أن يحكم بالاجتهاد ولا يتوقف حكمه على النص لجعله المشقة سببا لعدم الأمر منه ولو [ ص 129 ] كان الأمر موقوفا على النص لكان سبب عدم الأمر منه عدم النص لا مجرد المشقة وفيه احتمال للبحث والتأويل كما قاله ابن دقيق العيد .
وهو أيضا يدل بعمومه على استحباب السواك للصائم بعد الزوال لأن الصلاتين الواقعتين بعده داخلتان تحت عموم الصلاة فلا تتم دعوى الكراهة إلا بدليل يخصص هذا العموم وسيأتي الكلام على ذلك