- أثر عبد الله بن سيدان السلمي فيه مقال لأن البخاري قال : لا يتابع على حديثه وحكي في الميزان عن بعض العلماء أنه قال : هو مجهول لا حجة فيه .
قوله : ( حين تميل الشمس ) فيه إشعار بمواظبته صلى الله عليه وآله وسلم على صلاة الجمعة إذا زالت الشمس .
قوله : ( كنا نصلي الجمعة مع النبي A ثم نرجع إلى القائلة فنقيل ) وفي لفظ للبخاري : ( كنا نبكر بالجمعة ونقيل بعد الجمعة ) وفي لفظ له أيضا : ( كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم الجمعة ثم تكون القائلة ) وظاهر ذلك أنهم كانوا يصلون الجمعة باكر النهار . قال الحافظ : لكن طريق الجمع أولى من دعوى التعارض وقد تقرر أن التبكير يطلق على فعل الشيء في أول وقته أو تقديمه على غيره وهو المراد هنا والمعنى أنهم كانوا يبدؤون بالصلاة قبل القيلولة بخلاف ما جرت به عادتهم في صلاة الظهر في الحر فإنهم كانوا يقيلون ثم يصلون لمشروعية الإبراد اه . والمراد بالقائلة المذكورة في الحديث نوم نصف النهار .
قوله : ( إذا اشتد البرد بكر بالصلاة ) أي صلاها في أول وقتها .
قوله : ( وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة يعني الجمعة ) يحتمل أن يكون قوله يعني الجمعة من كلام التابعي أو من دونه أخذه قائله مما فهمه من التسوية بين الجمعة والظهر عند أنس ويؤيده ما عند الإسماعيلي عن أنس من طريق أخرى وليس فيه قوله يعني الجمعة .
قوله : ( نجمع ) هو بتشديد الميم المكسورة .
قوله : ( نتتبع الفيء ) فيه تصريح بأنه قد وجد في ذلك الوقت فيء يسير .
قال النووي : إنما كان ذلك لشدة التبكير وقصر حيطانهم . وفي رواية للبخاري : ( ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نستظل به ) وفي رواية لمسلم : ( وما نجد فيئا نستظل به ) والمراد نفي الظل الذي يستظل به لا نفي أصل الظل كما هو الأكثر الأغلب من توجه النفي إلى القيود الزائدة ويدل على ذلك قوله : ( ثم نرجع نتتبع الفيء ) قيل وإنما كان كذلك لأن الجدرات كانت في ذلك العصر قصيرة لا يستظل بظلها إلا بعد توسط الوقت فلا دلالة في ذلك على أنهم كانوا يصلون قبل الزوال .
قوله : ( ما كنا [ ص 320 ] نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة ) فيه دليل لمن قال بجواز صلاة الجمعة قبل الزوال وإلى ذلك ذهب أحمد بن حنبل واختلف أصحابه في الوقت الذي تصبح فيه قبل الزوال هل هو الساعة السادسة أو الخامسة أو وقت دخول وقت صلاة العيد .
ووجه الاستدلال به أن الغداء والقيلولة محلهما قبل الزوال . وحكوا عن ابن قتيبة أنه قال : لا يسمى غداء ولا قائلة بعد الزوال . وأيضا قد ثبت : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يخطب خطبتين ويجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس ) كما في مسلم من حديث أم هشام بنت حارثة أخت عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت : ( ما حفظت ق والقرآن المجيد إلا من في رسول الله A وهو يقرأها على المنبر كل جمعة ) وعند ابن ماجه من حديث أبي بن كعب ( أن النبي A قرأ يوم الجمعة تبارك وهو قائم يذكر بأيام الله وكان يصلي الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين كما ثبت ذلك عند مسلم من حديث علي وأبي هريرة وابن عباس ولو كانت خطبته وصلاته بعد الزوال لما انصرف منها إلا وقد صار للحيطان ظل يستظل به وقد خرج وقت الغداء والقائلة وأصرح من هذا حديث جابر المذكور في الباب فإنه صرح بأن النبي A كان يصلي الجمعة ثم يذهبون إلى جمالهم فيريحونها عند الزوال ولا ملجئ إلى التأويلات المتعسفة التي ارتكبها الجمهور واستدلالهم بالأحاديث القاضية بأنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى الجمعة بعد الزوال لا ينفي الجواز قبله .
وقد أغرب ابن العربي فنقل الإجماع على أنها لا تجب حتى تزول الشمس إلا ما نقل عن أحمد وهو مردود فإنه قد نقل ابن قدامة وغيره عن جماعة من السلف مثل قول أحمد .
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن سلمة أنه قال : صلى بنا عبد الله بن مسعود الجمعة ضحى وقال : خشيت عليكم الحر .
وأخرج من طريق سعيد بن سويد قال : صلى بنا معاوية الجمعة ضحى . وكذلك روي عن جابر وسعيد بن زيد كما في رواية أحمد التي ذكرها المصنف وروى مثل ذلك ابن أبي شيبة في المصنف عن سعد ابن أبي وقاص .
قوله : ( وعن عبد الله بن سيدان السلمي ) أخرج هذا الأثر أيضا أبو نعيم شيخ البخاري في كتاب الصلاة وابن أبي شيبة . قال الحافظ : ورجاله ثقات إلا عبد الله ابن سيدان فإنه تابعي كبير إلا أنه غير معروف العدالة . قال ابن عدي : يشبه المجهول . وقال البخاري : لا يتابع على حديثه وقد عارضه ما هو أقوى منه روى ابن أبي شيبة من طريق سويد بن غفلة أنه صلى مع أبي بكر وعمر حين تزول الشمس وإسناده قوي [ ص 321 ]