- قوله : ( تزيغ ) بزاي وغين معجمة أي تميل .
قوله : ( يجمع بينهما ) أي في وقت العصر وفي الحديث دليل على جواز جمع التأخير في السفر سواء كان السير مجدا أم لا وقد وقع الخلاف في الجمع في السفر فذهب إلى جوازه مطلقا تقديما وتأخيرا كثير من الصحابة والتابعين ومن الفقهاء الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأشهب واستدلوا بالأحاديث الآتية في هذا الباب ويأتي الكلام عليها . وقال قوم لا يجوز الجمع مطلقا إلا بعرفة ومزدلفة وهو قول الحسن والنخعي وأبي حنيفة وصاحبيه وأجابوا عما روي من الأخبار في ذلك بأن الذي وقع جمع صوري وهو أنه أخر المغرب مثلا إلى آخر وقتها وعجل العشاء في أول وقتها كذا في الفتح قال : وتعقبه الخطابي وغيره بأن الجمع رخصة فلو كان على ما ذكروه لكان أعظم ضيقا من الإتيان بكل صلاة في وقتها لأن أوائل الأوقات وأواخرها مما لا يدركه أكثر الخاصة فضلا عن العامة وسيأتي الجواب عن هذا التعقب في الباب الذي بعد هذا الباب .
قال في الفتح مؤيدا لما قاله الخطابي : وأيضا فإن الأخبار جاءت صريحة بالجمع في وقت إحدى الصلاتين وذلك هو المتبادر إلى الفهم من لفظ الجمع قال : ومما يرد على الجمع الصوري جمع التقديم وسيأتي .
وقال الليث وهو المشهور عن مالك : إن الجمع يختص بمن جد به السير . وقال ابن حبيب : يختص بالسائر ويستدل لهما بما أخرجه البخاري وغيره عن ابن عمر قال : ( كان النبي A يجمع بين المغرب والعشاء إذا جد به السير ) ولما قاله ابن حبيب بما في البخاري أيضا عن ابن عباس قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجمع بين صلاة الظهر والعصر إذا كان على ظهر سير ويجمع بين المغرب والعشاء ) فيقيد أنس المذكور في الباب بما إذا كان المسافر سائرا سيرا مجدا كما في هذين الحديثين .
وقال الأوزاعي : إن الجمع في السفر يختص بمن له عذر . وقال أحمد واختاره ابن حزم وهو مروي عن مالك : إنه يجوز جمع التأخير دون التقديم واستدلوا بحديث أنس المذكور في الباب وأجابوا عن الأحاديث القاضية بجواز جمع التقديم بما سيأتي