- وفي الباب غير ما ذكره المصنف عند أحمد وأبي داود والنسائي قال : ( كان رسول الله A يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية يمسح صدورنا ومناكبنا ويقول لا تختلفوا فتختلف قلوبكم ) الحديث .
وعن أبي هريرة عند مسلم . وعن جابر بن عبد الله عند عبد الرزاق . وعن ابن عمر عند أحمد وأبي داود .
قوله : ( سووا صفوفكم ) فيه أن تسوية الصفوف واجبة ) .
قوله : ( فإن تسوية الصف من تمام الصلاة ) في لفظ البخاري : [ ص 230 ] ( من إقامة الصلاة ) والمراد بالصف الجنس . وفي رواية : ( فإن تسوية الصفوف ) وقد استدل ابن حزم بذلك على وجوب التسوية قال : لأن إقامة الصلاة واجبة وكل شيء من الواجب واجب ونازع من ادعى الإجماع على عدم الوجوب وروي عن عمر وبلال ما يدل على الوجوب عندهما لأنهما كانا يضربان الأقدام على ذلك . قال في الفتح : ولا يخفى ما فيه لا سيما وقد بينا أن الرواة لم يتفقوا على هذه العبارة يعني أنه رواها بعضهم بلفظ : ( من تمام الصلاة ) كما تقدم .
واستدل ابن بطال بما في البخاري من حديث أبي هريرة بلفظ : ( فإن إقامة الصف من حسن الصلاة ) على أن التسوية سنة قال : لأن حسن الشيء زيادة على تمامه وأورد عليه رواية : ( من تمام الصلاة ) وأجاب ابن دقيق العيد فقال : قد يؤخذ من قوله تمام الصلاة الاستحباب لأن تمام الشيء في العرف أمر خارج عن حقيقته التي لا يتحقق إلا بها وإن كان يطلق حسب الوضع على ما لا تتم الحقيقة إلا به . ورد بأن لفظ الشارع لا يحمل إلا على ما دل عليه الوضع في اللسان العربي وإنما يحمل على العرف إذا أثبت أنه عرف الشارع لا العرف الحادث .
قوله : ( تراصوا ) بتشديد الصاد المهملة أي تلاصقوا بغير خلل . وفيه جواز الكلام بين الإقامة والدخول في الصلاة .
قوله : ( لتسون ) بضم التاء المثناة من فوق وفتح السين وضم الواو وتشديد النون قال البيضاوي : هذه اللام التي يتلقى بها القسم والقسم هنا مقدر ولهذا أكده بالنون المشددة .
قوله : ( أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) أي إن لم تسووا والمراد بتسوية الصفوف اعتدال القائمين بها على سمت واحد ويراد بها أيضا سد الخلل الذي في الصف . واختلف في الوعيد المذكور فقيل هو على حقيقته والمراد تشويه الوجه بتحويل خلقه عن موضعه بجعله موضع القفا أو نحو ذلك فهو نظير ما تقدم فيمن رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار . وفيه من اللطائف وقوع الوعيد من جنس الجناية وهي المخالفة . قال في الفتح : وعلى هذا فهو واجب والتفريط فيه حرام ويؤيد الوجوب حديث أبي أمامة بلفظ : ( لتسون الصفوف أو لتطمسن الوجوه ) أخرجه أحمد وفي إسناده ضعف .
ومنهم من حمل الوعيد المذكور على المجاز قال النووي : معناه يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف القلوب كما تقول تغير وجه فلان أي ظهر لي من وجهه كراهة لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن ويؤيده رواية أبي داود بلفظ : ( أو ليخالفن الله بين قلوبكم ) وقال القرطبي : معناه تفترقون فيأخذ كل واحد وجها غير الذي يأخذه صاحبه لأن تقدم الشخص [ ص 231 ] على غيره مظنة للتكبر المفسد للقلب الداعي إلى القطيعة .
( والحاصل ) أن المراد بالوجه إن حمل على العضو المخصوص فالمخالفة إما بحسب الصورة الإنسانية أو الصفة أو جعل القدام وراء وإن حمل على ذات الشخص فالمخالفة بحسب المقاصد أشار إلى ذلك الكرماني ويحتمل أن يراد المخالفة في الجزاء فيجازي المسوي بخير ومن لا يسوي بشر .
قوله : ( كأنما يسوي بها القداح ) هي جمع قدح بكسر القاف وإسكان الدال المهملة وهو السهم قبل أن يراش ويركب فيه النصل .
قوله : ( يلزق ) بضم أوله يتعدى بالهمزة والتضعيف يقال ألزقته ولزقته .
قوله : ( منكبه ) المنكب مجتمع العضد والكتف