- حديث علي بن شيبان روى الأثرم عن أحمد أنه قال : حديث حسن . قال ابن سيد الناس : رواته ثقات معروفون وهو من رواية عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه وعبد الرحمن قال فيه ابن حزم : وما نعلم أحدا عابه بأكثر من أنه لم يرو عنه إلا عبد الرحمن بن بدر وهذا ليس جرحة انتهى .
وقد روى عنه أيضا ابنه محمد ووعلة بن عبد الرحمن ابن رئاب ووثقه ابن حبان . وروى له أبو داود وابن ماجه . ويشهد لحديث علي [ ص 227 ] ابن شيبان ما أخرجه ابن حبان عن طلق مرفوعا : ( لا صلاة لمنفرد خلف الصف ) وحديث واصبة بن معبد أخرجه أيضا الدارقطني وابن حبان وحسنه الترمذي وقال ابن عبد البر : إنه مضطرب الإسناد ولا يثبته جماعة من أهل الحديث . وقال ابن سيد الناس : ليس الاضطراب الذي وقع فيه مما يضره وبين ذلك في شرح الترمذي له وأطال وأطاب . وحديث أبي بكرة أخرجه أيضا ابن حبان . وحديث ابن عباس هو إحدى الروايات التي وردت في صفة دخوله مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صلاة الليل في الليلة التي بات فيها عند خالته ميمونة . والذي في الصحيحين وغيرهما : ( أنه قام عن يساره فجعله عن يمينه ) .
( وقد اختلف السلف ) في صلاة المأموم خلف الصف وحده فقالت طائفة : لا يجوز ولا يصح . وممن قال بذلك النخعي والحسن بن صالح وأحمد وإسحاق وحماد وابن أبي ليلى ووكيع وأجاز ذلك الحسن البصري والأوزاعي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي وفوق آخرون في ذلك فرأوا على الرجل الإعادة دون المرأة وتمسك القائلون بعدم الصحة بحديث علي بن شيبان ووابصة بن معبد المذكورين وتمسك القائلون بالصحة بحديث أبي بكرة قالوا : لأنه أتى ببعض الصلاة خلف الصف ولم يأمره النبي A بالإعادة فيحمل الأمر بالإعادة على جهة الندب مبالغة في المحافظة على الأولى .
( ومن جملة ) ما تمسكوا به حديث ابن عباس وجابر إذ جاء كل واحد منهما فوقف عن يسار رسول الله A مؤتما به وحده فأدار كل واحد منهما حتى جعله عن يمينه قالوا : فقد صار كل واحد منهما خلف رسول الله A في تلك الإدارة وهو تمسك غير مفيد للمطلوب لأن المدار من اليسار إلى اليمين لا يسمى مصليا خلف الصف وإنما هو مصل عن اليمين .
( ومن متمسكاتهم ) ما روي عن الشافعي أنه كان يضعف حديث وابصة ويقول لو ثبت لقلت به ويجاب عنه بأن البيهقي وهو من أصحابه قد أجاب عنه فقال : الخبر المذكور ثابت . قيل الأولى الجمع بين أحاديث الباب بحمل عدم الأمر بالإعادة على من فعل ذلك لعذر مع خشية الفوت لو انضم إلى الصف وأحاديث الإعادة على من فعل ذلك لغير عذر . وقيل من لم يعلم ما في ابتداء الركوع على تلك الحال من النهي فلا إعادة عليه كما في حديث أبي بكرة لأن النهي عن ذلك لم يكن تقدم ومن علم بالنهي وفعل بعض الصلاة أو كلها خلف الصف لزمته الإعادة . قال ابن سيد الناس : ولا يعد حكم الشروع في الركوع خلف الصف حكم [ ص 228 ] الصلاة كلها خلفه فهذا أحمد بن حنبل يرى أن صلاة المنفرد خلف الصف باطلة ويرى أن الركوع دون الصف جائز . قال : وقد اختلف السلف في الركوع دون الصف فرخص فيه زيد بن ثابت وفعل ذلك ابن مسعود وزيد بن وهب وروي عن سعيد بن جبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن وعروة وابن جريج ومعمر أنهم فعلوا ذلك .
وقال الزهري : إن كان قريبا من الصف فعل وإن كان بعيدا لم يفعل وبه قال الأوزاعي انتهى .
قال الحافظ في التلخيص : اختلف في معنى قوله ( ولا تعد ) فقيل نهاه عن العود إلى الإحرام خارج الصف وأنكر هذا ابن حبان وقال : أراد لا تعد في إبطاء المجيء إلى الصلاة .
وقال ابن القطان الفاسي تبعا للمهلب بن أبي صفرة : معناه لا تعد إلى دخولك في الصف وأنت راكع فإنها كمشية البهائم ويؤيده رواية حماد بن سلمة في مصنفه عن الأعلم عن الحسن عن أبي بكرة أنه : ( دخل المسجد ورسول الله A يصلي وقد ركع فركع ثم دخل الصف وهو راكع فلما انصرف النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : أيكم دخل في الصف وهو راكع فقال له أبو بكرة : أنا فقال : زادك الله حرصا ولا تعد ) .
وقال غيره : بل معناه لا تعد إلى إتيان الصلاة مسرعا واحتج بما رواه ابن السكن في صحيحه بلفظ : ( أقيمت الصلاة فانطلقت أسعى حتى دخلت في الصف فلما قضى الصلاة قال : من الساعي آنفا قال أبو بكرة : فقلت أنا فقال : زادك الله حرصا ولا تعد ) قال في التلخيص : أيضا أنه روى الطبراني في الأوسط من حديث ابن الزبير ما يعارض هذا الحديث فأخرج من حديث ابن وهب عن ابن جريج عن عطاء سمع ابن الزبير على المنبر يقول : ( إذا دخل أحدكم المسجد والناس ركوع فليركع حين يدخل ثم يدب راكعا حتى يدخل في الصف فإن ذلك السنة ) قال عطاء : وقد رأيته يصنع ذلك وقال : تفرد به ابن وهب ولم يروه عنه غير حرملة ولا يروى عن ابن الزبير إلا بهذا الإسناد انتهى .
وقد اختلف فيمن لم يجد فرجة ولا سعة في الصف ما الذي يفعل فحكى عن نصه في البويطي أنه يقف منفردا ولا يجذب إلى نفسه أحدا لأنه لو جذب إلى نفسه واحدا لفوت عليه فضيلة الصف الأول ولأوقع الخلل في الصف وبهذا قال أبو الطيب الطبري وحكاه عن مالك . وقال أكثر أصحاب الشافعي وبه قالت الهادوية أنه يجذب إلى نفسه واحدا ويستحب للمجذوب أن يساعده ولا فرق بين الداخل في أثناء الصلاة والحاضر في ابتدائها في ذلك وقد روي عن عطاء وإبراهيم النخعي أن الداخل إلى الصلاة والصفوف قد استوت واتصلت يجوز له أن يجذب إلى [ ص 229 ] نفسه واحدا ليقوم معه واستقبح ذلك أحمد وإسحاق وكرهه الأوزاعي ومالك . وقال بعضهم جذب الرجل في الصف ظلم . واستدل القائلون بالجواز بما رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي من حديث وابصة : ( أنه A قال لرجل صلى خلف الصف أيها المصلي هلا دخلت في الصف أو جررت رجلا من الصف أعد صلاتك ) وفيه السري ابن إسماعيل وهو متروك وله طريق أخرى في تاريخ أصبهان لأبي نعيم وفيها قيس ابن الربيع وفيه ضعف . ولأبي داود في المراسيل من رواية مقاتل بن حيان مرفوعا : ( إن جاء رجل فلم يجد أحدا فليختلج إليه رجلا من الصف فليقم معه فما أعظم أجر المختلج ) .
وأخرج الطبراني عن ابن عباس بإسناد قال الحافظ : واه بلفظ : ( أن النبي A أمر الآتي وقد تمت الصفوف أن يجتذب إليه رجلا يقيمه إلى جنبه )