- حديث أبي هريرة سكت عنه أبو داود والمنذري وهو من طريق جعفر بن مسافر شيخ أبي داود قال النسائي : صالح وفي إسناده يحيى بن بشير بن خلاد عن أمه واسمها أمة الواحد . ويحيى مستور وأمه مجهولة . وحديث أبي مسعود أخرجه أيضا أبو داود . وحديث ابن مسعود قال الترمذي : حسن غريب وقال الدارقطني : تفرد به خالد بن مهران الحذاء عن أبي معشر زياد بن كليب . وقال ابن سيد الناس : إنه صحيح لثقة رواته وكثرة الشواهد له قال : ولذلك حكم مسلم بصحته . وأما غرابته فليست تنافي الصحة في بعض الأحيان . وأما حديث أنس فأخرجه أيضا الترمذي ولم يذكر له إسنادا والنسائي ورجال إسناده عند ابن ماجه رجال الصحيح .
( وفي الباب ) عن أبي بن كعب عند أحمد من حديث قيس بن عباد قال : ( قدمت المدينة للقاء أصحاب محمد A وما كان بينهم رجل ألقاه أحب إلي من أبي بن كعب فأقيمت الصلاة فخرج عمر مع أصحاب رسول الله A فقمت في الصف الأول فجاء رجل فنظر في وجوه القوم فعرفهم غيري فنحاني وقام مكاني فما عقلت صلاتي فلما صلى قال : يا بني لا يسؤوك الله إني لم آت الذي أتيت بجهالة ولكن رسول الله A قال لنا : كونوا في الصف الذي يليني وإني نظرت في وجوه القوم فعرفتهم غيرك ثم حدث فما رأيت الرجال متحت أعناقها إلى شيء متوجها إليه قال : فسمعته يقول هلك أهل العقدة ورب الكعبة ألا لا عليهم آسى ولكن آسى على من يهلكون من المسلمين وإذا هو أبي يعني ابن كعب ) .
هذا لفظ أحمد وقد أخرج الحديث أيضا النسائي وابن خزيمة في صحيحه ومتحت بفتح الميم وتاءين مثناتين بينهما حاء مهملة أي مدت . وأهل العقدة بضم العين المهملة وسكون القاف يريد البيعة المعقودة للولاية .
وعن سمرة عند الطبراني في الكبير : ( أن النبي A قال : ليقم الأعراب خلف المهاجرين والأنصار ليقتدوا بهم في الصلاة ) وهو من رواية الحسن عن سمرة . وعن البراء أشار إليه الترمذي . وعن ابن عباس عند الدارقطني قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا يتقدم في الصف [ ص 223 ] الأول أعرابي ولا عجمي ولا غلام لم يحتلم ) وفي إسناده ليث بن أبي سليم وهو ضعيف .
قوله : ( وسطوا الإمام ) فيه مشروعية جعل الإمام مقابلا لوسط الصف وهو أحد الاحتمالات التي يحتملها الحديث وقد تقدمت .
قوله : ( وسدوا الخلل ) قال المنذري : هو بفتح الخاء المعجمة واللام وهو ما بين الاثنين من الاتساع وسيأتي ذكر ما هي الحكمة في ذلك في باب الحث على تسوية الصفوف .
قوله : ( فتختلف قلوبكم ) لأن مخالفة الصفوف مخالفة الظواهر واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن .
قوله : ( ليليني ) قال النووي : هو بكسر اللامين وتخفيف النون من غير ياء قبل النون ويجوز إثبات الياء مع تشديد النون على التوكيد واللام في أوله لام الأمر المكسورة أي ليقرب مني .
قوله : ( أولو الأحلام والنهى ) قال ابن سيد الناس : الأحلام والنهى بمعنى واحد والنهى بضم النون جمع نهية بالضم أيضا وهي العقول لأنها تنهى عن القبح . قال أبو علي الفارسي : يجوز أن يكون النهى مصدرا كالهدي وأن يكون جمعا كالظلم . وقيل المراد بأولي الأحلام البالغون وبأولي النهى العقلاء فعلى الأول يكون العطف فيه من باب . فألفى قولها كذبا ومينا . وهو أن ينزل تغاير اللفظ منزلة تغاير المعنى وهو كثير في الكلام وعلى الثاني يكون لكل لفظ معنى مستقل .
وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه كان إذا رأى صبيا في الصف أخرجه . وعن زر بن حبيش وأبي وائل مثل ذلك وإنما خص النبي A هذا النوع بالتقديم لأنه الذي يتأتى منه التبليغ ويستخلف إذا احتيج إلى استخلافه ويقوم بتنبيه الإمام إذا احتيج إليه .
قوله : ( وإياكم وهيشات الأسواق ) بفتح الهاء وإسكان الياء المثناة من تحت وبالشين المعجمة أي اختلاطها والمنازعة والخصومات وارتفاع الأصوات واللغط والفتن التي فيها . والهوشة الفتنة والاختلاط . والمراد النهي عن أن يكون اجتماع الناس في الصلاة مثل اجتماعهم في الأسواق متدافعين متغايرين مختلفي القلوب والأفعال .
قوله : ( يحب أن يليه المهاجرون والأنصار ) فيه وفي حديث أبي بن كعب وسمرة مشروعية تقدم أهل العلم والفضل ليأخذوا عن الإمام ويأخذ عنهم غيرهم لأنهم أمس بضبط صفة الصلاة وحفظها ونقلها وتبليغها [ ص 224 ]