- عمرو بن سلمة قد اختلف في صحبته قال في التهذيب : لم يثبت له سماع من النبي A . وروى الدارقطني ما يدل على أنه وفد مع أبيه . وأثر ابن عباس رواه عبد الرزاق مرفوعا بإسناد ضعيف .
قوله : ( وليؤمكم أكثركم ) فيه أن المراد بالأقرأ في الأحاديث المتقدمة الأكثر قرآنا لا الأحسن قراءة وقد تقدم .
قوله : ( فقدموني ) فيه جواز إمامة الصبي . ووجه الدلالة ما في قوله A : ( ليؤمكم أكثركم [ ص 203 ] قرآنا ) من العموم .
قال أحمد بن حنبل : ليس في إطلاع النبي صلى الله عليه وآله وسلم . وأجيب بأن إمامته بهم كانت حال نزول الوحي ولا يقع حالة التقرير لأحد من الصحابة على الخطأ ( 2 ) ولذا استدل بحديث أبي سعيد وجابر : ( كنا نعزل والقرآن ينزل ) وأيضا الذين قدموا عمرو بن سلمة كانوا كلهم صحابة . قال ابن حزم : ولا نعلم لهم مخالفا كذا في الفتح .
وقد ذهب إلى جواز إمامة الصبي الحسن وإسحاق والشافعي والإمام يحيى ومنع من صحتها الهادي والناصر والمؤيد بالله من أهل البيت وكرهها الشعبي والأوزاعي والثوري ومالك . واختلفت الرواية عن أحمد وأبي حنيفة . قال في الفتح : والمشهور عنهما الإجزاء في النوافل دون الفرائض وقد قيل إن حديث عمرو المذكور كان في نافلة لا فريضة ورد بأن قوله ( صلوا صلاة كذا في حين كذا وصلاة كذا في حين كذا ) يدل على أن ذلك كان في فريضة .
وأيضا قوله ( فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ) لا يحتمل غير الفريضة لأن النافلة لا يشرع لها الأذان . ومن جملة ما أجيب به عن حديث عمرو المذكور ما روي عن أحمد بن حنبل أنه كان يضعف أمر عمرو بن سلمة وروى عن ذلك عنه الخطابي في المعالم ورد بأن عمرو بن سلمة صحابي مشهور .
قال في التقريب : صحابي صغير نزل بالبصرة وقد روى ما يدل على أنه وفد على النبي A كما تقدم .
وأما القدح في الحديث بأن فيه كشف العورة في الصلاة وهو لا يجوز كما في ضوء النهار فهو من الغرائب . وقد ثبت ( أن الرجال كانوا يصلون عاقدي أزرهم ويقال للنساء لا ترفعن رؤوسكن حتى يستوي الرجال جلوسا ) زاد أبو داود : ( من ضيق الإزار ) .
قوله : ( وكانت علي بردة ) في رواية أبي داود : ( وعلي بردة لي صغيرة ) وفي أخرى : ( كنت أؤمهم في بردة موصلة فيها فتق ) والبردة كساء صغير مربع ويقال كساء أسود صغير وبه كني أبو بردة .
قوله : ( تقلصت عني ) في رواية لأبي داود : ( خرجت إستي ) وفي أخرى له : ( تكشفت ) .
قوله : ( إست قارئكم ) المراد هنا بالإست العجز ويراد به حلقة الدبر .
قوله : ( فاشتروا فقطعوا لي قميصا ) لفظ أبي داود : ( فاشتروا لي قميصا ) .
قوله : ( من جرم ) بجيم مفتوحة وراء ساكنة وهم قومه . ومن جملة حجج [ ص 204 ] القائلين بأن إمامة الصبي لا تصح حديث : ( رفع القلم عن ثلاثة ) ورد بأن رفع القلم لا يستلزم عدم الصحة ومن جملتها أن صلاته غير صحيحة لأن الصحة معناها موافقة الأمر والصبي غير مأمور ورد بمنع أن ذلك معناها بل معناها استجماع الأركان وشروط الصحة ولا دليل على أن التكليف منها ومن جملتها أيضا أن العدالة شرط لما مر والصبي غير عدل ورد بأن العدالة نقيض الفسق وهو غير فاسق لأن الفسق فرع تعلق الطلب ولا تعلق وانتفاء كون صلاته واجبة عليه لا يستلزم عدم صحة إمامته لما سيأتي من صحة صلاة المفترض خلف المتنفل .
_________ .
( 1 ) قوله في أول الحديث وبادر أبي قومي أي سبق أبي قومي بالإسلام وكذلك بدر كما في بعض روايات البخاري . وقوله فاشتروا مفعوله محذوف أي فاشتروا ثوبا . وفي رواية أبي داود كما سينبه عليه الشارح بعد : ( فاشتروا لي قميصا عمانيا ) وهو بفتح العين المهملة وتخفيف الميم نسبة إلى عمان من البحرين والله أعلم .
( 2 ) عبارة الحافظ في الفتح . ولأن زمن الوحي لا يقع التقرير فيه على ما لا يجوز اه وهي أظهر من عبارة الشارح هنا . والله أعلم