- قوله : ( ذهب إلى بني عمرو بن عوف ) أي ابن مالك بن الأوس والأوس أحد قبيلتي الأنصار وهما الأوس والخزرج وبنو عمرو بن عوف بطن كبير من الأوس وسبب ذهابه A إليهم كما في الرواية التي ذكرها المصنف وقد ذكر نحوها البخاري في الصلح من طريق محمد بن جعفر عن أبي حازم أن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذلك فقال : اذهبوا نصلح بينهم .
وله فيه من رواية غسان عن أبي حازم فخرج في ناس من أصحابه وله أيضا في الأحكام من صحيحه من طريق حماد بن زيد أن توجهه كان بعد أن صلى الظهر . وللطبراني أن الخبر جاء بذلك وقد أذن بلال لصلاة الظهر .
قوله : ( فحانت الصلاة ) أي صلاة العصر كما صرح به البخاري [ ص 182 ] في الأحكام من صحيحه .
قوله : ( فقال أتصلي بالناس ) في الرواية الأخرى التي ذكرها المصنف أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي أمر بلالا أن يأمر أبا بكر بذلك وقد أخرج نحوها ابن حبان والطبراني ولا مخالفة بين الروايتين لأنه يحمل على أنه استفهمه هل تبادر أول الوقت أو ننتظر مجيء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرجح أبو بكر المبادرة لأنها فضيلة محققة فلا تترك لفضيلة متوهمة .
قوله : ( فأقيم ) بالنصب لأنها بعد الاستفهام ويجوز الرفع على الاستئناف .
قوله : ( قال نعم ) في رواية للبخاري ( إن شئت ) وإنما فوص ذلك إليه لاحتمال أن يكون عنده زيادة علم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك .
قوله : ( فصلى أبو بكر ) أي دخل في الصلاة وفي لفظ للبخاري : ( فتقدم أبو بكر فكبر ) وفي رواية : ( فاستفتح أبو بكر ) وبهذا يجاب عن سبب استمراره في الصلاة في مرض موته صلى الله عليه وآله وسلم وامتناعه من الاستمرار في هذا المقام لأنه هناك قد مضى معظم الصلاة فحسن الاستمرار وهنا لم يمض إلا اليسير فلم يحسن .
قوله : ( فتخلص ) في رواية للبخاري : ( فجاء يمشي حتى قام عند الصف ) ولمسلم : ( فخرق الصفوف ) .
قوله : ( فصفق الناس ) في رواية للبخاري : ( فأخذ الناس في التصفيح قال سهل أتدرون ما التصفيح هو التصفيق ) وفيه أنهما مترادفان وقد تقدم التنبيه على ذلك .
قوله : ( وكان أبو بكر لا يلتفت ) قيل كان ذلك لعلمه بالنهي وقد تقدم الكلام عليه .
قوله : ( فرفع أبو بكر يديه فحمد الله ) الخ ظاهره أنه تلفظ بالحمد وادعى ابن الجوزي أنه أشار بالحمد والشكر بيده ولم يتكلم .
قوله : ( أن يصلي بين يدي رسول الله A ) تقرير النبي A له على ذلك على ما قاله البعض من أن سلوك طريقة الأدب خير من الامتثال ويؤيد ذلك عدم إنكاره A على علي عليه السلام لما امتنع من محو اسمه في قصة الحديبية .
وقد قدمنا الإشارة إلى هذا المعنى في أبواب صفة الصلاة .
قوله : ( أكثرتم التصفيق ) ظاهره أن الإنكار إنما حصل لكثرته لا لمطلقه ولكن قوله ( إنما التصفيق للنساء ) يدل على منع الرجال منه مطلقا .
قوله : ( التفت إليه ) بضم المثناة على البناء للمجهول . وفي رواية للبخاري : ( فإنه لا يسمعه أحد حين يقول سبحان الله إلا التفت ) .
( والحديث ) يدل على ما بوب له المصنف من جواز انتقال الإمام مأموما إذا استخلف فحضر مستخلفه وادعى ابن عبد البر أن ذلك من خصائص النبي A وادعى الإجماع على عدم جواز ذلك لغيره ونوقض أن الخلاف ثابت وأن الصحيح المشهور عند الشافعية الجواز وروي عن ابن القاسم الجواز أيضا .
وللحديث فوائد ذكر المصنف C تعالى بعضها فقال : [ ص 183 ] فيه من العلم أن المشي من صف إلى صف يليه لا يبطل وأن حمد الله لأمر يحدث والتنبيه بالتسبيح جائزان وأن الاستخلاف في الصلاة لعذر جائز من طريق الأولى لأن قصاراه وقوعها بإمامين اه .
ومن فوائد الحديث جواز كون المرء في بعض صلاته إماما وفي بعضها مأموما . وجواز رفع اليدين في الصلاة عند الدعاء والثناء . وجواز الالتفات للحاجة وجواز مخاطبة المصلي بالإشارة وجواز الحمد والشكر على الوجاهة في الدين . وجواز إمامة المفضول للفاضل . وجواز العمل القليل في الصلاة وغير ذلك من الفوائد