- قوله : ( أما يخشى أحدكم ) أما مخففة حرف استفتاح مثل ألا وأصلها ما النافية دخلت عليها همزة الاستفهام وهي هنا استفهام توبيخ .
قوله : ( إذا رفع رأسه قبل الإمام ) زاد ابن خزيمة في صلاته والمراد الرفع من السجود ويدل على ذلك ما وقع في رواية حفص ابن عمر ( الذي يرفع رأسه والإمام ساجد ) وفيه تعقب على من قال أن الحديث نص في المنع من تقدم المأموم في الرفع من الركوع والسجود معا وليس كذلك بل هو نص في السجود ويلتحق به الركوع لكونه في معناه ويمكن الفرق بينهما بأن السجود له مزيد مزية لأن العبد أقرب ما يكون فيه من ربه وأما التقدم على الإمام في الخفض للركوع والسجود فقيل يلتحق به من باب الأولى لأن الاعتدال والجلوس بين السجدتين من الوسائل والركوع والسجود من المقاصد وإذا دل الدليل على وجوب الموافقة فيما هو وسيلة فأولى أن يجب فيما هو مقصد .
قال الحافظ : ويمكن أن يقال ليس هذا بواضح لأن الرفع من الركوع والسجود يستلزم قطعه عن غاية كماله قال : وقد ورد الزجر عن الرفع [ ص 173 ] والخفض قبل الإمام من حديث أخرجه البزار عن أبي هريرة مرفوعا : ( الذي يخفض ويرفع قبل الإمام إنما ناصيته بيد شيطان ) .
وأخرجه عبد الرزاق من هذا الوجه موقوفا وهو المحفوظ .
قوله : ( أو يحول الله صورته ) الخ الشك من شعبة وقد رواه الطيالسي عن حماد بن سلمة وابن خزيمة عن حماد بن زيد ومسلم عن يونس بن عبيد والربيع بن مسلم كلهم عن محمد بن زياد بغير تردد فأما الحمادان فقالا رأس . وأما الربيع فقال وجه وأما يونس فقال صورة والظاهر أنه من تصرف الرواة . قال عياض : هذه الروايات متفقة لأن الوجه في الرأس ومعظم الصورة فيه .
قال الحافظ : لفظ الصورة يطلق على الوجه أيضا وأما الرأس فرواتها أكثر وهي أشمل فهي المعتمد وخص وقوع الوعيد عليها لأن بها وقعت الجناية .
وظاهر الحديث يقتضي تحريم الرفع قبل الإمام لكونه توعد عليه بالمسخ وهو أشد العقوبات وبذلك جزم النووي في شرح المهذب ومع القول بالتحريم فالجمهور على أن فاعله يأثم وتجزئه صلاته . وعن ابن عمر يبطل وبه قال أحمد في رواية وأهل الظاهر بناء على أن النهي يقتضي الفساد والوعيد بالمسخ في معناه . وقد ورد التصريح بالنهي في رواية أنس المذكورة في الباب عن السبق بالركوع والسجود والقيام والقعود وقد اختلف في معنى الوعيد المذكور فقيل يحتمل أن يرجع ذلك إلى أمر معنوي فإن الحمار موصوف بالبلادة فاستعير هذا المعنى للجاهل بما يجب عليه من فرض الصلاة ومتابعة الإمام ويرجح هذا المجاز أن التحويل لم يقع مع كثرة الفاعلين ولكن ليس في الحديث ما يدل على أن ذلك يقع ولا بد وإنما يدل على كون فاعله متعرضا لذلك ولا يلزم من التعرض للشيء وقوعه وقيل هو على ظاهره إذ لا مانع من جواز وقوع ذلك وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على جواز وقوع المسخ في هذه الأمة وأما ما ورد من الأدلة القاضية برفع المسخ عنها فهو المسخ العام ومما يبعد المجاز المذكور ما عند ابن حبان بلفظ : ( أن يحول الله رأسه رأس كلب ) لانتفاء المناسبة التي ذكروها من بلادة الحمار .
ومما يبعده أيضا إيراد الوعيد بالأمر المستقبل وباللفظ الدال على تغيير الهيئة الحاصلة ولو كان المراد التشبيه بالحمار لأجل البلادة لقال مثلا فرأسه رأس حمار ولم يحسن أن يقال له إذا فعلت ذلك صرت بليدا مع أن فعله المذكور إنما نشأ عن البلادة .
( واستدل ) بالأحاديث المذكورة على جواز المقارنة ورد بأنها دلت بمنطوقها على منع المسابقة وبمفهومها على طلب المتابعة وأما المقارنة فمسكوت عنها .
قوله : ( ولا بالانصراف ) قال النووي : المراد بالانصراف السلام انتهى . ويحتمل أن يكون المراد النهي عن الانصراف من مكان الصلاة قبل الإمام لفائدة أن يدرك المؤتم الدعاء أو لاحتمال أن يكون الإمام قد حصل له في صلاته سهو فيذكر وهو في المسجد ويعود له كما في قصة ذي [ ص 174 ] اليدين .
وقد أخرج أبو داود عن ابن عباس : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حضهم على الصلاة ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة ) .
وأخرج الطبراني في الكبير عن ابن مسعود بإسناد رجاله ثقات أنه قال : ( إذا سلم الإمام وللرجل حاجة فلا ينتظره إذا سلم أن يستقبله بوجهه وإن فصل الصلاة التسليم ) وروى عنه أنه كان إذا سلم لم يلبث أن يقوم أو يتحول من مكانه