- في الباب غير ما ذكر المصنف عن عائشة عند الشيخين وأبي داود وابن ماجه . وعن جابر عند مسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجه . وعن ابن عمر عند أحمد والطبراني . وعن معاوية عند الطبراني في الكبير . قال العراقي : ورجاله رجال الصحيح . وعن أسيد بن حضير عند أبي داود وعبد الرزاق . وعن قيس بن فهد عند عبد الرزاق أيضا . وعن أبي أمامة عند ابن حبان في صحيحه .
قوله : ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) لفظ إنما من صيغ الحصر عند جماعة من أئمة الأصول والبيان . ومعنى الحصر فيها إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه واختار الآمدي أنها لا تفيد الحصر وإنما تفيد تأكيد الإثبات فقط ونقله أبو حيان عن البصريين . وفي كلام الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد ما يقتضي نقل الاتفاق على إفادتها للحصر ( 1 ) والمراد بالحصر هنا حصر الفائدة في الإقتداء بالإمام والإتباع له ومن شأن التابع أن لا يتقدم على المتبوع ومقتضى ذلك أن لا يخالفه في شيء من الأحوال التي فصلها الحديث ولا في غيرها قياسا عليها ولكن ذلك مخصوص بالأفعال الظاهرة لا الباطنة وهي ما لا يطلع عليه المأموم كالنية فلا يضر الاختلاف فيها فلا يصح الاستدلال به على من جوز ائتمام من يصلي الظهر بمن يصلي العصر ومن يصلي الأداء بمن يصلي القضاء ومن يصلي الفرض بمن يصلي النفل وعكس ذلك وعامة الفقهاء على ارتباط صلاة المأموم بصلاة الإمام وترك مخالفته له في نية أو غيرها لأن ذلك من الاختلاف وقد نهى عنه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله : ( فلا تختلفوا ) . وأجيب بأنه صلى الله عليه وآله وسلم قد بين وجوه الاختلاف فقال : ( فإذا كبر فكبروا ) الخ ويتعقب بإلحاق غيرها بها قياسا كما تقدم .
وقد استدل بالحديث أيضا القائلون بأن صحة صلاة المأموم لا تتوقف على صحة صلاة الإمام إذا بان جنبا أو محدثا أو عليه نجاسة خفية وبذلك صرح أصحاب الشافعي بناء على اختصاص النهي عن الاختلاف بالأمور المذكورة في الحديث أو بالأمور التي يمكن المؤتم الإطلاع عليها .
قوله : ( فإذا كبر كبروا ) فيه أن المأموم لا يشرع في التكبير إلا بعد فراغ الإمام منه وكذلك الركوع والرفع منه والسجود .
ويدل على ذلك أيضا قوله في الرواية الثانية ولا تكبروا ولا تركعوا ولا تسجدوا وكذلك سائر الروايات المشتملة [ ص 172 ] على النهي وسيأتي .
وقد اختلف في ذلك هل هو على سبيل الوجوب أو الندب والظاهر الوجوب من غير فرق بين تكبيرة الإحرام وغيرها .
قوله : ( وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد ) فيه دليل لمن قال أنه يقتصر المؤتم في ذكر الرفع من الركوع على قوله ربنا لك الحمد وقد قدمنا بسط ذلك في باب ما يقول في رفعه من الركوع من أبواب صفة الصلاة وقدمنا أيضا الكلام على اختلاف الروايات في زيادة الواو وحذفها .
قوله : ( وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا ) فيه دليل لمن قال أن المأموم يتابع الإمام في الصلاة قاعدا وإن لم يكن المأموم معذورا وإليه ذهب أحمد وإسحاق والأوزاعي وأبو بكر ابن المنذر وداود وبقية أهل الظاهر وسيأتي الكلام على ذلك في باب إقتداء القادر على القيام بالجالس .
قوله : ( أجمعون ) كذا في أكثر الروايات بالرفع على التأكيد لضمير الفاعل في قوله ( صلوا ) وفي بعضها بالنصب على الحال .
_________ .
( 1 ) ونص عبارته في شرح العمدة هكذا : إنما للحصر على ما تقرر في الأصول كما فهم ابن عباس من قوله ( إنما الربا في النسيئة ) وعورض بدليل آخر يقتضي تحريم ربا الفضل ولم يعارض في فهمه للحصر وفي ذلك اتفاق على أنها للحصر اه .
والدليل الذي عارض فهمه هو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( التمر بالتمر والحنطة بالحنطة والشعير بالشعير والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى ) رواه مسلم في صحيحه وغيره . وقد تعرضت لذلك في تعليقي على باب الربا منه والله أعلم