- حديث ابن عمر هو بنحو اللفظ الآخر في الصحيحين أيضا بدون قوله : ( وبيوتهن خير لهن ) وهذه الزيادة أخرجها ابن خزيمة في صحيحه وللطبراني بإسناد حسن نحوها ولها شاهد من حديث ابن مسعود عند أبي داود وحديث أبي هريرة أخرجه أيضا ابن خزيمة من حديثه وابن حبان من حديث زيد بن خالد . وأخرج مسلم من حديث زينب امرأة ابن مسعود : ( إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا ) وأول حديث أبي هريرة متفق عليه من حديث ابن عمر كما عرفت .
قوله : ( إذا استأذنكم نساؤكم بالليل ) لم يذكر أكثر الرواة بالليل كذا أخرجه مسلم وغيره . وخص الليل بالذكر لما فيه من الستر بالظلمة . قال النووي : واستدل به على أن المرأة لا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه لتوجه الأمر إلى الأزواج بالإذن وتعقبه ابن دقيق العيد بأن ذلك إن كان أخذا بالمفهوم فهو مفهوم لقب ضعيف لكن يتقوى بأن يقال إن منع الرجال نساءهم أمر متقرر وإنما علق الحكم بالمسجد لبيان محل الجواز فبقي ما عداه على المنع وفيه إشارة إلى أن الإذن المذكور لغير الوجوب لأنه لو كان واجبا لا يبقى معنى للاستئذان لأن ذلك إنما هو متحقق إذا كان المستأذن مجيزا في الإجابة والرد أو يقال إذا كان الإذن لهن فيما ليس بواجب حقا على الأزواج فالأذن لهن فيما هو واجب من باب الأولى .
قوله : ( لا تمنعوا النساء ) مقتضى هذا النهي أن منع النساء من الخروج إلى المساجد إما مطلقا في الأزمان كما في هذه الرواية وكما في حديث أبي هريرة أو مقيدا بالليل كما تقدم أو مقيدا بالغلس كما في بعض الأحاديث يكون محرما على الأزواج . وقال النووي : إن النهي محمول على التنزيه وسيأتي الخلاف في ذلك .
قوله : ( وبيوتهن خير [ ص 161 ] لهن ) أي صلاتهن في بيوتهن خير لهن من صلاتهن في المساجد لو علمن ذلك لكنهن لم يعلمن فيسألن الخروج إلى الجماعة يعتقدن أن أجرهن في المساجد أكثر . ووجه كون صلاتهن في البيوت أفضل الأمن من الفتنة ويتأكد ذلك بعد وجود ما أحدث النساء من التبرج والزينة ومن ثم قالت عائشة ما قالت .
قوله : ( إماء الله ) بكسر الهمزة والمد جمع أمة .
قوله : ( وليخرجن تفلات ) بفتح التاء المثناة وكسر الفاء أي غير متطيبات يقال امرأة تفلة إذا كانت متغيرة الريح كذا قال ابن عبد البر وغيره وإنما أمرن بذلك ونهين عن التطيب كما في رواية مسلم المتقدمة عن زينب امرأة ابن مسعود لئلا يحركن الرجال بطيبهن . ويلحق بالطيب ما في معناه من المحركات لداعي الشهوة كحسن الملبس والتحلي الذي يظهر أثره والزينة الفاخرة . وفرق كثير من الفقهاء المالكية وغيرهم بين الشابة وغيرها وفيه نظر لأنها إذا عرت مما ذكر وكانت متسترة حصل الأمن عليها ولا سيما إذا كان ذلك بالليل