- الحديث الثاني أخرجه أيضا ابن حبان والطبراني زاد ابن حبان وأحمد في رواية : ( فأتها ولو حبوا ) .
قوله : ( أن رجلا أعمى ) هو ابن أم مكتوم كما في الحديث الثاني .
قوله : ( ليس لي قائد ) في الحديث الآخر : ( ولي قائد لا يلاؤمني ) ظاهره التنافي إذا كان الأعمى المذكور في حديث أبي هريرة هو ابن أم مكتوم ويجمع بينهما إما بتعداد الواقعة أو بأن المراد بالمنفي في الرواية الأولى القائد الملائم وبالمثبت في الثانية القائد الذي ليس بملائم .
قوله : ( فرخص له ) إلى قوله : ( قال فأجب ) قيل إن الترخيص [ ص 154 ] في أول الأمر اجتهاد منه A والأمر بالإجابة بوحي من الله تعالى . وقيل الترخيص مطلق مقيد بعدم سماع النداء وقيل إن الترخيص باعتبار العذر والأمر للندب فكأنه قال الأفضل لك والأعظم لأجرك أن تجيب وتحضر فأجب .
قوله : ( ولي قائد لا يلاؤمني ) قال الخطابي : يروى في الحديث يلاومني بالواو والصواب يلاؤمني أي يوافقني وهو بالهمزة المرسومة بالواو والهمزة فيه أصلية وأما الملاومة بالواو فهي من اللوم وليس هذا موضعه .
قوله : ( رخصة ) بوزن غرفة وقد تضم الخاء المعجمة بالإتباع وهي التسهيل في الأمر والتيسير .
( والحديثان ) استدل بهما القائلون بأن الجماعة فرض عين وقد تقدم ذكرهم وأجاب الجمهور عن ذلك بأنه سأل هل له رخصة في أن يصلي في بيته وتحصل له فضيلة الجماعة لسبب عذره فقيل لا .
ويؤيد هذا أن حضور الجماعة يسقط بالعذر بإجماع المسلمين ومن جملة العذر العمى إذا لم يجد قائدا كما في حديث عتبان ابن مالك وهو في الصحيح وسيأتي ويدل على ذلك حديث ابن عباس عند ابن ماجه والدارقطني وابن حبان والحاكم أن النبي A قال : ( من سمع النداء فلم يأت الصلاة فلا صلاة له إلا من عذر ) .
قال الحافظ : وإسناده على شرط مسلم لكن رجح بعضهم وقفه وأجاب البعض عن حديث الأعمى بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علم منه أنه يمشي بلا قائد لحذقه وذكائه كما هو مشاهد في بعض العميان يمشي بلا قائد لا سيما إذا كان يعرف المكان قبل العمى أو بتكرر المشي إليه استغنى عن القائد ولا بد من التأويل لقوله تعالى { ليس على الأعمى حرج } وفي أمر الأعمى بحضور الجماعة مع عدم القائد ومع شكايته من كثرة السباع والهوام في طريقه كما في مسلم غاية الحرج ولا يقال الآية في الجهاد لأنا نقول هو من القصر على السبب وقد تقرر في الأصول أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
( واعلم ) أن الاستدلال بحديثي الأعمى وحديث أبي هريرة الذي في أول الباب على وجوب مطلق الجماعة فيه نظر لأن الدليل أخص من الدعوى إذ غاية ما في ذلك وجوب حضور جماعة النبي A في مسجده لسامع النداء ولو كان الواجب مطلق الجماعة لقال في المتخلفين أنهم لا يحضرون جماعته ولا يجمعون في منازلهم ولقال لعتبان بن مالك انظر من يصلي معك ولجاز الترخيص للأعمى بشرط أن يصلي في منزله جماعة