- الأثر أخرجه أيضا مالك في الموطأ والبيهقي وأبو نعيم في مستخرجه وابن أبي شيبة . وقد استدل به القائلون بعدم الوجوب وأجابت الحنفية على قاعدتهم في التفرقة بين الفرض والواجب بأن نفي الفرض لا يستلزم نفي الوجوب . قال في الفتح : وتعقب بأنه اصطلاح لهم حادث وما كان الصحابة يفرقون بينهما ويغني عن هذا قوله : ( ومن لم يسجد فلا إثم عليه ) وتعقب أيضا بقوله إلا أن نشاء فإنه يدل على أن المرء مخير في السجود فلا يكون واجبا وأجاب من أوجبه بأن المعنى إلا أن نشاء قراءتها فتجب .
قال الحافظ : ولا يخفى بعده ويرده أيضا قوله : ( فلا إثم عليه ) فإن انتفاء الإثم عمن ترك الفعل مختارا يدل على عدم وجوبه . واستدل بهذا الاستثناء على وجوب إتمام السجود على من شرع فيه لأن الظاهر أنه استثناء من قوله : ( لم يفرض ) . وأجيب بأنه استثناء منقطع ومعناه لكن ذلك موكول إلى مشيئة المرء بدليل قوله : ( ومن لم يسجد فلا إثم عليه ) .
( لا يقال ) الاستدلال بقول عمر على عدم الوجوب لا يكون مثبتا للمطلوب لأنه قول صحابي [ ص 126 ] ولا حجة فيه لأنه يقال أولا إن القائل بالوجوب وهم الحنفية يقولون بحجية أقوال الصحابة وثانيا إن تصريحه بعدم الفرضية وبعدم الإثم على التارك في مثل هذا الجمع من دون صدور إنكار يدل على إجماع الصحابة على ذلك والأثر أيضا يدل على جواز قراءة القرآن في الخطبة وجواز نزول الخطيب عن المنبر وسجوده إذا لم يتمكن من السجود فوق المنبر . وعن مالك أنه يقرأ في خطبته ولا يسجد وهذا الأثر وارد عليه