- الخلاف بين الأئمة في الاحتجاج بحديث ابن عقيل مشهور وهو أبو محمد عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب . والكلام على أطراف هذا الحديث محله الوضوء . ومحل الحجة منه مسح الرأس بما بقي من وضوء في يده فإنه مما استدل به على أن المستعمل قبل انفصاله عن البدن يجوز التطهر به . قيل : وقد عارضه مع ما فيه من المقال أن النبي A مسح رأسه بماء غير فضل يديه كحديث مسلم ( أن النبي A مسح برأسه بماء غير فضل يديه ) وأخرج الترمذي من حديث عبد الله بن زيد ( أنه رأى النبي A توضأ وأنه مسح رأسه بماء غير فضل يديه ) وأخرج أيضا من حديثه ( أن النبي A أخذ لرأسه ماء جديدا ) وأخرج ابن حبان في صحيحه من حديثه أيضا نحوه .
وأنت خبير بأن كونه A أخذ لرأسه ماء جديدا كما وقع في هذه الروايات لا ينافي ما في حديث الباب من أنه A مسح رأسه بما بقي من وضوئه في يديه لأن التنصيص على شيء بصيغة لا تدل إلا على مجرد الوقوع ولم يتعرض فيها لحصر على المنصوص عليه ولا نفى لما [ ص 30 ] عداه لا يستلزم عدم وقوع غيره . والأولى الاحتجاج بما أخرجه الترمذي والطبراني من رواية ابن جارية بلفظ : ( خذ للرأس ماء جديدا ) فإن صح هذا دل على أنه يجب أن يؤخذ للرأس ماء جديد ولا يجزئ مسحه بفضل ماء اليدين ويكون المسح ببقية ماء اليدين إن صح حديث الباب مختصا به A لما تقرر في الأصول من أن فعله A لا يعارض القول الخاص بالأمة بل يكون مختصا به وذلك لأن أمره A للأمة أمرا خاصا بهم أخص من أدلة التأسي القاضية بإتباعه في أقواله وأفعاله فيبنى العام على الخاص ولا يجب التأسي به في هذا الفعل الذي ورد أمر الأمة بخلافه وما نحن فيه من هذا القبيل وإن كان خطابا لواحد لأنه يلحق به غيره إما بالقياس أو بحديث " حكمي على واحد كحكمي على الجماعة " وهو إن لم يكن حديثا معتبرا عند أئمة الحديث فقد شهد لمعناه حديث : " إنما قولي لامرأة كقولي لمائة امرأة " ونحوه . قال المصنف C بعد أن ساق الحديث ما لفظه : وعلى تقدير أن يثبت أن النبي A مسح رأسه بما بقي من بلل يديه فليس يدل على طهورية الماء المستعمل لأن الماء كلما تنقل في محال التطهير من غير مفارقة إلى غيرها فعمله وتطهيره باق ولهذا لا يقطع عمله في هذه الحال تغيره بالنجاسات والطهارات انتهى . وقد قدمنا ما هو الحق في الماء المستعمل