- قوله : ( أن نقبر ) هو بضم الباء الموحدة وكسرها لغتان . قال النووي : قال بعضهم المراد بالقبر صلاة الجنازة وهذا ضعيف لأن صلاة الجنازة لا تكره في هذا الوقت بالإجماع فلا يجوز تفسير الحديث بما يخالف الإجماع بل الصواب أن معناه تعمد تأخير الدفن إلى هذه الأوقات كما يكره تعمد تأخير العصر إلى اصفرار الشمس بلا عذر وهي صلاة المنافقين قال : فأما إذا وقع الدفن بلا تعمد في هذه الأوقات فلا يكره انتهى .
وظاهر الحديث أن الدفن في هذه الأوقات محرم من غير فرق بين العامد وغيره إلا أن يخص غير العامد بالأدلة القاضية برفع الجناح عنه .
قوله : ( بازغة ) أي ظاهرة .
قوله : ( تضيف ) ضبطه النووي في شرح مسلم بفتح التاء والضاد المعجمة وتشديد الياء . والمراد به الميل .
( والحديث ) يدل على تحريم الصلاة في هذه الأوقات وكذا الدفن وقد حكى النووي الإجماع على الكراهة قال : واتفقوا على جواز الفرائض المؤداة فيها واختلفوا في النوافل التي لها سبب كصلاة التحية وسجود التلاوة والشكر وصلاة العيد والكسوف وصلاة الجنازة وقضاء الفوائت ومذهب الشافعي وطائفة جواز ذلك كله بلا كراهة ومذهب أبي حنيفة [ ص 112 ] وآخرين أنه داخل في النهي لعموم الأحاديث انتهى .
وجعله لصلاة الجنازة ههنا من جملة ما وقع فيه الخلاف ينافي دعواه الإجماع على عدم كراهتها كما تقدم عنه .
ومن القائلين بكراهة قضاء الفرائض في هذه الأوقات زيد بن علي والمؤيد بالله والداعي والإمام يحيى قالوا لشمول النهي للقضاء لأن دليل المنع لم يفصل .
( واحتج القائلون ) بجواز قضاء الفرائض في هذه الأوقات وهم الهادي والقاسم والشافعي ومالك بقوله A : ( من نام عن صلاته أو سها عنها فوقتها حين يذكرها ) الحديث المتقدم فجعلوه مخصصا لأحاديث الكراهة وهو تحكم لأنه أعم منها من وجه وأخص من وجه وليس أحد العمومين أولى بالتخصيص من الآخر وكذلك الكلام في فعل الصلاة المفروضة في هذه الأوقات أداء إلا أن حديث : ( من أدرك من الفجر ركعة قبل أن تطلع الشمس ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس ) أخص من أحاديث النهي مطلقا فيقدم عليها وقد استثنى الشافعي وأصحابه وأبو يوسف الصلاة عند قائمة الظهيرة يوم الجمعة خاصة وهي رواية عن الأوزاعي وأهل الشام واستدلوا بما رواه الشافعي عن أبي هريرة : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة ) وفي إسناده إبراهيم بن أبي يحيى وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وهما ضعيفان . ورواه البيهقي من طريق أبي خالد الأحمر عن عبد الله شيخ من أهل المدينة عن سعيد عن أبي هريرة ورواه الأثرم بسند فيه الواقدي وهو متروك . ورواه البيهقي أيضا بسند آخر فيه عطاء بن عجلان وهو متروك أيضا وقد روى الشافعي عن ثعلبة ابن أبي مالك عن عامة الصحابة أنهم كانوا يصلون نصف النهار يوم الجمعة .
( وفي الباب ) عن واثلة عند الطبراني قال الحافظ : بسند واه . وعن أبي قتادة عند أبي داود والأثرم أنه صلى الله عليه وآله وسلم كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة وقال : ( إن جهنم تسجر إلا يوم الجمعة ) وفيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف وهو أيضا منقطع لأنه من رواية أبي الخليل عن أبي قتادة ولم يسمع منه