- قوله : ( وترتفع ) فيه أن النهي عن الصلاة بعد الصبح لا يزول بنفس طلوع الشمس بل لا بد من الارتفاع . وقد وقع عند البخاري من حديث عمر المتقدم بلفظ : ( حتى تشرق الشمس ) والإشراق الإضاءة . وفي حديث عقبة الآتي : ( حتى تطلع الشمس بازغة ) وذلك يبين أن المراد بالطلوع المذكور في حديث الباب وغيره الارتفاع والإضاءة لا مجرد الظهور ذكر معنى ذلك القاضي عياض .
قال النووي : وهو متعين لا عدول عنه للجمع بين الروايات وقد ورد مفسرا في بعض الروايات بارتفاعها قدر رمح .
قوله : ( فإنها تطلع بين قرني [ ص 110 ] شيطان ) قال النووي : قيل المراد بقرني الشيطان حزبه وأتباعه . وقيل غلبة أتباعه وانتشار فساده . وقيل القرنان ناحيتا الرأس وأنه هو على ظاهره قال : وهذا الأقوى ومعناه أنه يدني رأسه إلى الشمس في هذه الأوقات ليكون الساجدون لها من الكفار كالساجدين له في الصورة وحينئذ يكون له ولشيعته تسلط ظاهر وتمكن من أن يلبسوا على المصلين صلاتهم فكرهت الصلاة حينئذ صيانة لها كما كرهت في الأماكن التي هي مأوى الشيطان وفي رواية لأبي داود والنسائي : ( فإنها تطلع بين قرني شيطان فيصلي لها الكفار ) .
قوله : ( مشهودة محضورة ) أي تشهدها الملائكة ويحضرونها وذلك أقرب إلى القبول وحصول الرحمة .
قوله : ( حتى يستقل الظل بالرمح ) قال النووي : معناه أنه يقوم مقابله في الشمال ليس مائلا إلى المشرق ولا إلى المغرب وهذا حالة الاستواء انتهى .
والمراد أنه يكون الظل في جانب الرمح ولم يبق على الأرض من ظله شيء وهذا يكون في بعض أيام السنة ويقدر في سائر الأيام عليه .
قوله : ( تسجر جهنم ) بالسين المهملة والجيم والراء أي يوقد عليها إيقادا بليغا .
قوله : ( فإذا أقبل الفيء ) أي ظهر إلى جهة المشرق والفيء مختص بما بعد الزوال وأما الظل فيقع على ما قبل الزوال وبعده .
قوله : ( حتى تصلي العصر ) فيه دليل على أن وقت النهي لا يدخل بدخول وقت العصر ولا بصلاة غير المصلي وإنما يكره لكل إنسان بعد صلاته نفسه حتى لو أخرها عن أول الوقت لم يكره التنفل قبلها وقد تقدم الكلام في ذلك . وكذا قوله : ( حتى تصلي الصبح ) قال المصنف C : وهذه النصوص الصحيحة تدل على أن النهي في الفجر لا يتعلق بطلوعه بل بالفعل كالعصر انتهى .
( والحديث ) يدل على كراهة التطوعات بعد صلاة العصر والفجر وقد تقدم ذلك وعلى كراهتها أيضا عند طلوع الشمس وعند قائمة الظهيرة وعند غروبها وسيأتي الكلام على هذه الأوقات