- الحديث الأول يدل على أن المشروع لمن قرأ قائما أن يركع ويسجد من قيام ومن قرأ قاعدا أن يركع ويسجد من قعود .
والحديث الثاني يدل على جواز الركوع من قيام لمن قرأ قاعدا ويجمع بين الحديثين بحمل قولها : ( وكان إذا قرأ وهو قائم وإذا قرأ قاعدا ) في الحديث الأول على أن المراد جميع القراءة بمعنى أنه لا يفرغ من القراءة قاعدا فيقوم للركوع والسجود ولا يفرغ منها قائما فيقعد للركوع والسجود فأما إذا افتتح الصلاة قائما ثم قرأ بعض القراءة جاز له أن يقعد لتمامها ويركع ويسجد من قعود وكذا إذا افتتح الصلاة قاعدا ثم قرأ بعض القراءة جاز له أن يقوم لتمامها ويركع ويسجد من قيام كما في الحديث الثاني .
ويشكل على هذا الجمع ما ثبت في بعض طرق الحديث الأول عند مسلم من حديث عائشة بلفظ : ( فإذا افتتح الصلاة قائما ركع قائما وإذا افتتح الصلاة قاعدا ركع قاعدا ) قال العراقي : فيحمل على أنه كان يفعل مرة كذا ومرة كذا فكان مرة يفتتح قاعدا ويتم قراءته قاعدا ويركع قاعدا وكان مرة يفتتح قاعدا ويقرأ بعض قراءته قاعدا وبعضها قائما ويركع قائما فإن لفظ كان لا يقتضي المداومة . وقد جاء في رواية علقمة عن عائشة عند مسلم ما يقتضي أنه يفتتح قاعدا ويقرأ قاعدا ثم يقوم فيركع ولكن الظاهر أن هذا في الركعتين اللتين كان يصليهما بعد الوتر وهو جالس .
وقد جاء التصريح به عند مسلم في حديث أخر من رواية أبي سلمة عنها وفيه : ( ثم يوتر ثم يصلي ركعتين وهو جالس فإذا أراد أن يركع قام فركع ) .
( والحديثان ) يدلان على جواز صلاة التطوع من قعود .
والحديث الثاني يدل على أنه يجوز فعل بعض الصلاة من قعود وبعضها من قيام وبعض الركعة من قعود وبعضها من قيام .
قال العراقي : وهو كذلك سواء قام ثم قعد أو قعد ثم قام وهو قول جمهور العلماء كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وحكاه النووي عن عامة العلماء . وحكى عن بعض السلف منعه قال : وهو غلط . وحكى القاضي عياض عن أبي يوسف ومحمد في آخرين كراهة القعود بعد القيام ومنع أشهب من المالكية الجلوس بعد أن ينوي القيام وجوزه ابن القاسم والجمهور