- قوله : ( أوزاع ) قد تقدم تفسيره .
قوله : ( فقال عمر نعمت البدعة ) قال في الفتح : البدعة أصلها ما أحدث على غير مثال سابق وتطلق في الشرع على مقابلة السنة فتكون مذمومة والتحقيق أنها إن كانت مما يندرج تحت مستحسن في الشرع فهي حسنة وإن كانت مما يندرج تحت مستقبح في الشرع فهي مستقبحة وإلا فهي من قسم المباح وقد تنقسم إلى الأحكام الخمسة انتهى ( 1 ) .
قوله : ( بثلاث وعشرين ركعة ) قال ابن إسحاق : وهذا أثبت ما سمعت في ذلك . ووهم في ضوء النهار فقال : إن في سنده أبا شيبة وليس الأمر كذلك لأن مالكا في الموطأ ذكره كما ذكر المصنف . والحديث الذي في إسناده أبو شيبة هو حديث ابن عباس الآتي كما في البدر المنير .
والتلخيص وفي الموطأ أيضا عن محمد بن يوسف عن السائب ابن يزيد أنها إحدى عشرة . وروى محمد بن نصر عن محمد بن يوسف أنها إحدى وعشرون ركعة . وفي الموطأ من طريق يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد أنها عشرون ركعة . وروى محمد بن نصر من طريق عطاء قال : أدركتهم في رمضان يصلون عشرين ركعة وثلاث [ ص 64 ] ركعات الوتر .
قال الحافظ : والجمع بين هذه الروايات ممكن باختلاف الأحوال ويحتمل أن ذلك الاختلاف بحسب تطويل القراءة وتخفيفها فحيث تطول القراءة تقلل الركعات وبالعكس وبه جزم الداودي وغيره قال : والاختلاف فيما زاد على العشرين راجع إلى الاختلاف في الوتر فكأنه تارة يوتر بواحدة وتارة بثلاث .
وقد روى محمد بن نصر من طريق داود بن قيس قال : أدركت الناس في إمارة أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز يعني بالمدينة يقومون بست وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث . وقال مالك : الأمر عندنا بتسع وثلاثين وبمكة بثلاث وعشرين وليس في شيء من ذلك ضيق .
قال الترمذي : أكثر ما قيل إنه يصلي إحدى وأربعين ركعة بركعة الوتر .
ونقل ابن عبد البر عن الأسود بن يزيد أربعين يوتر بسبع وقيل ثمان وثلاثين ذكره محمد بن نصر عن ابن يونس عن مالك .
قال الحافظ : وهذا يمكن رده إلى الأول بانضمام ثلاث الوتر لكن صرح في روايته بأنه يوتر بواحدة فيكون أربعين إلا واحدة . قال مالك : وعلى هذا العمل منذ بضع ومائة سنة . وروي عن مالك ست وأربعون وثلاث الوتر .
قال في الفتح : وهذا المشهور عنه وقد رواه ابن وهب عن العمري عن نافع قال : لم أدرك الناس إلا وهم يصلون تسعا وثلاثين ويوترون منها بثلاث .
وعن زرارة بن أوفى أنه كان يصلي بهم بالبصرة أربعا وثلاثين ويوتر .
وعن سعيد بن جبير أربعا وعشرين وقيل ست عشرة غير الوتر هذا حاصل ما ذكره في الفتح من الاختلاف في ذلك .
وأما العدد الثابت عنه A في صلاته في رمضان فأخرج البخاري وغيره عن عائشة أنها قالت : ( ما كان النبي A يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة ) .
وأخرج ابن حبان في صحيحه من حديث جابر أنه صلى الله عليه وآله وسلم : ( صلى بهم ثمان ركعات ثم أوتر ) .
وأخرج البيهقي عن ابن عباس : ( كان يصلي في شهر رمضان في غير جماعة عشرين ركعة والوتر ) زاد سليم الرازي في كتاب الترغيب له : ( ويوتر بثلاث ) قال البيهقي : تفرد به أبو شيبة إبراهيم بن عثمان وهو ضعيف . وأما مقدار القراءة في كل ركعة فلم يرد به دليل .
( والحاصل ) أن الذي دلت عليه أحاديث الباب وما يشابهها هو مشروعية القيام في رمضان والصلاة فيه جماعة وفرادى فقصر الصلاة المسماة بالتراويح على عدد معين وتخصيصها بقراءة مخصوصة لم يرد به سنة ( 2 ) [ ص 65 ] .
_________ .
( 1 ) البدعة التي تنقسم إلى خمسة أقسام هي ما كانت خارجة عن نوع العبادات وأما إذا كانت مما يدخل في العبادة فلا . وقد ذكرنا كلام العلامة الشاطبي في ذلك ورده كل بدعة لها دخل في العبادات . وقول عمر ونعمت البدعة أي الأمر البديع الذي ثبت عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وترك في زمن أبي بكر لاشتغال الناس فيما حصل بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم . ولشارح بلوغ المرام كلام نفيس على هذا الحديث وقد ذكرته في تعليقي على أحكام الأحكام فارجع إليه والله أعلم .
( 2 ) أقول : ذكر العلامة النووي في شرح المهذب فرعا في مذهب علماء السلف فيما يقرأ في صلاة التراويح . قال : روى مالك في الموطأ عن داود بن الحصين عن عبد الرحمن الأعرج قال : ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفر في رمضان قال : وكان القارئ يقوم بسورة البقرة في ثمان ركعات وإذا قام بها في ثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه خفف .
وقال النووي : وروى مالك أيضا عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد قال : أمر عمر بن الخطاب Bه أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس وكان القارئ يقرأ بالمائتين حتى كنا نعتمد على عصا في طول القيام وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر . وذكر آثارا غير ما ذكرته . والله أعلم