- الحديث زاد فيه الخمسة : ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) وقد اختلف في زيادة قوله والنهار فضعفها جماعة لأنها من طريق علي البارقي الأزدي عن ابن عمر وهو ضعيف عند ابن معين وقد خالفه جماعة من أصحاب ابن عمر ولم يذكروا فيه النهار .
وقال الدارقطني في العلل : إنها وهم وقد صححها ابن خزيمة وابن حبان والحاكم في المستدرك وقال : رواتها ثقات وقال الخطابي : إن سبيل الزيادة من الثقة أن تقبل وقال البيهقي : هذا حديث صحيح وعلي البارقي احتج به مسلم والزيادة من الثقة مقبولة وقد صححه البخاري لما سئل عنه ثم روى ذلك بسنده إليه قال : وقد روي عن محمد بن سيرين عن ابن عمر مرفوعا بإسناد كلهم ثقات اه كلام البيهقي . وله طرق وشواهد وقد ذكر بعض ذلك الحافظ في التلخيص .
قوله : ( قام رجل ) وقع في معجم الطبراني الصغير أن السائل هو ابن عمر ولكنه يشكل عليه ما وقع في بعض الروايات عن ابن عمر بلفظ : ( أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا بينه وبين السائل ) فذكر الحديث .
وفيه ( ثم سأله رجل على رأس الحول وأنا بذلك المكان منه قال : فما أدري أهو ذلك الرجل أم غيره ) وعند النسائي أن السائل المذكور من أهل البادية .
قوله : ( كيف صلاة الليل ) الجواب عن هذا السؤال يشعر بأنه وقع عن كيفية الوصل والفصل لا عن مطلق الكيفية .
قوله : ( مثنى مثنى ) أي اثنتين اثنتين وهو غير منصرف للعدل والوصف وتكرار لفظ مثنى للمبالغة وقد فسر ذلك ابن عمر في رواية أحمد ومسلم عنه كما ذكره المصنف .
وقد أخذ مالك بظاهر الحديث فقال : لا تجوز الزيادة على الركعتين .
قال ابن دقيق العيد : وهو ظاهر السياق لحصر المبتدأ في الخبر وحمله الجمهور على أنه لبيان الأفضل لما صح من فعله صلى الله عليه وآله وسلم مما يخالف ذلك كما سيأتي ويحتمل أن يكون للإرشاد إلى الأخف [ ص 39 ] إذ السلام من الركعتين أخف على المصلي من الأربع فما فوقها لما فيه من الراحة غالبا .
وقد اختلف السلف في الأفضل من الفصل والوصل فقال أحمد : الذي أختاره في صلاة الليل مثنى مثنى وإن صلى بالنهار أربعا فلا بأس .
وقال محمد بن نصر نحوه في صلاة الليل قال : وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أوتر بخمس لم يجلس إلا في آخرها إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على الوصل .
قوله : ( فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة ) استدل به على خروج وقت الوتر بطلوع الفجر . وأصرح منه ما رواه أبو داود والنسائي وصححه أبو عوانة وغيره عن ابن عمر أنه قال : ( من صلى الليل فليجعل آخر صلاته وترا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمر بذلك فإذا كان الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر ) وفي صحيح ابن خزيمة عن أبي سعيد مرفوعا : ( من أدركه الصبح ولم يوتر فلا وتر له ) وسيأتي الكلام على هذا في باب وقت صلاة الوتر .
( والحديث ) يدل على مشروعية الإيتار بركعة واحدة عند مخافة هجوم الصبح وسيأتي ما يدل على مشروعية ذلك من غير تقييد وقد ذهب إلى ذلك الجمهور .
قال العراقي : وممن كان يوتر بركعة من الصحابة الخلفاء الأربعة وسعد بن أبي وقاص ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وأبو موسى الأشعري وأبو الدرداء وحذيفة وابن مسعود وابن عمر وابن عباس ومعاوية وتميم الداري وأبو أيوب الأنصاري وأبو هريرة وفضالة بن عبيد وعبد الله بن الزبير ومعاذ بن الحارث القاري وهو مختلف في صحبته وقد روي عن عمر وعلي وأبي وابن مسعود الإيتار بثلاث متصلة .
قال : وممن أوتر بركعة سالم بن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة والحسن البصري ومحمد بن سيرين وعطاء ابن أبي رباح وعقبة بن عبد الغافر وسعيد بن جبير ونافع بن جبير بن مطعم وجابر بن زيد والزهري وربيعة بن أبي عبد الرحمن وغيرهم .
ومن الأئمة مالك والشافعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود وابن حزم . وذهبت الهادوية وبعض الحنفية إلى أنه لا يجوز الإيتار بركعة وإلى أن المشروع الإيتار بثلاث . واستدلوا بما روي من حديث محمد بن كعب القرظي : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن البتيراء ) قال العراقي : وهذا مرسل ضعيف .
وقال ابن حزم : لم يصح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهي عن البتيراء قال : ولا في الحديث على سقوطه بيان ما هي البتيراء .
قال : وقد روينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الثلاث بتيراء يعني الوتر قال : فعاد البتيراء على المحتج بالخبر الكاذب فيها اه .
واحتجوا أيضا بما حكي عن ابن مسعود أنه قال : ما أجزأت [ ص 40 ] ركعة قط . قال النووي في شرح المهذب : إنه ليس بثابت عنه قال : ولو ثبت لحمل على الفرائض فقد قيل إنه ذكره ردا على ابن عباس في قوله إن الواجب من الصلاة الرباعية في حال الخوف ركعة واحدة فقال ابن مسعود : ما أجزأت ركعة قط أي عن المكتوبات اه وقد روى ابن أبي شيبة في المصنف ومحمد بن نصر في قيام الليل من رواية محمد بن سيرين قال : سمر حذيفة وابن مسعود عند الوليد بن عقبة وهو أمير مكة فلما خرجا أوتر كل واحد منهما بركعة ومحمد بن سيرين لم يدرك ابن مسعود ولكن القائل بعدم صحة الإيتار بركعة من الهادوية والحنفية يرى الاحتجاج بالمرسل واحتج بعض الحنفية على الاقتصار على ثلاث وعدم إجزاء غيرها بأن الصحابة أجمعوا على أن الوتر بثلاث موصولة حسن جائز واختلفوا فيما عداه قال : فأخذنا بما أجمعوا عليه وتركنا ما اختلفوا فيه وتعقب بمنع الإجماع وبما سيأتي من النهي عن الإيتار بثلاث