- أخرجه وسكت عنه وقد صح عنه أنه لا يسكت إلا عما هو صالح للاحتجاج وكذلك سكت عنه المنذري ولم يتكلم عليه في تخريج السنن . وذكره الحافظ ابن حجر في التلخيص ولم يتكلم عليه بشيء وذكر في الفتح أنه أخرجه أبو داود والحاكم بإسناد حسن وروى البيهقي من طريق عيسى الخياط قال : قلت للشعبي إني لأعجب لاختلاف أبي هريرة وابن عمر قال نافع عن ابن عمر : دخلت إلى بيت حفصة فحانت مني التفاتة فرأيت كنيف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستقبل القبلة . وقال أبو هريرة : إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها قال الشعبي صدقا جميعا أما قول أبي هريرة فهو في الصحراء فإن لله عبادا ملائكة وجنا يصلون فلا يستقبلهم أحد ببول ولا غائط ولا يستدبرهم وأما كنفكم هذه فإنما هي بيوت بنيت لا قبلة فيها وأخرجه ابن ماجه مختصرا .
وقول ابن عمر يدل على أن النهي عن الاستقبال والاستدبار إنما هو في الصحراء [ ص 102 ] مع عدم الساتر وهو يصلح دليلا لمن فرق بين الصحراء والبنيان ولكنه لا يدل على المنع في الفضاء على كل حال كما ذهب إليه البعض بل مع عدم الساتر وإنما قلنا بصلاحيته للاستدلال لأن قوله إنما نهى عن هذا في الفضاء يدل على أنه قد علم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويحتمل أنه قال هذا إسنادا إلى الفعل الذي شاهده ورواه فكأنه لما رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيت حفصة مستدبرا القبلة فهم اختصاص النهي بالبنيان فلا يكون هذا الفهم حجة ولا يصلح هذا القول للاستدلال به وأقل شيء الاحتمال ( 1 ) فلا ينتهض لإفادة المطلوب . وقد سقنا في شرح أحاديث هذا الباب والذي قبله من الكلام على هذه المسألة المعضلة أبحاثا لا تجدها في غير هذا الكتاب ولعلك لا تحتاج بعد إمعان النظر فيها إلى غيره .
( فائدة ) قال المنصور بالله والغزالي والصيمري : إنه يكره استقبال القمرين والنيرات قالوا لشرفها بالقسم بها فأشبهت الكعبة كذا في البحر وقد استقوى عدم الكراهة . وقد قيل في الاستدلال على الكراهة بأنه روى الحكيم الترمذي عن الحسن قال حدثني سبعة رهط من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم أبو هريرة وجابر وعبد الله بن عمرو وعمران بن حصين ومعقل بن يسار وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك يزيد بعضهم على بعض في الحديث ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن يبال في المغتسل ونهى عن البول في الماء الراكد ونهى عن البول في الشارع ونهى أن يبول الرجل وفرجه باد إلى الشمس والقمر ) . فذكر حديثا طويلا في نحو خمسة أوراق على هذا الأسلوب .
قال الحافظ : وهو حديث باطل لا أصل له بل هو من اختلاق عباد بن كثير وذكر أن مداره عليه . وقال النووي في شرح المهذب : هذا حديث باطل وقال ابن الصلاح : لا يعرف وهو ضعيف انتهى .
_________ .
( 1 ) هذا مثل قولهم الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال تنبه