- الحديث قال ابن حزم في المحلى : إنه ساقط لأن راويه خالد الحذاء وهو ثقة عن خالد بن أبي الصلت وهو مجهول لا ندري من هو وأخطأ فيه عبد الرزاق فرواه عن خالد الحذاء عن كثير بن الصلت وهذا أبطل وأبطل لأن خالدا الحذاء لم يدرك كثير ابن الصلت ثم [ ص 101 ] لو صح لما كانت فيه حجة لأن نصه صلى الله عليه وآله وسلم يبين أنه إنما كان قبل النهي لأن من الباطل المحال أن يكون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهاهم عن استقبال القبلة بالبول والغائط ثم ينكر عليهم طاعته في ذلك هذا ما لا يظنه مسلم ولا ذو عقل وفي هذا الخبر إنكار ذلك عليهم فلو صح لكان منسوخا بلا شك ثم لو صح لما كان فيه إلا إباحة الاستقبال فقط لا إباحة الاستدبار أصلا فبطل تعلقهم به انتهى . وقال الذهبي في الميزان في ترجمة خالد بن أبي الصلت : إن هذا الحديث منكر . وقال النووي في شرح مسلم : إن إسناده حسن .
والحديث استدل به من ذهب إلى النسخ وقد عرفناك أنه لا دليل يدل على الجواز إلا هذا الحديث لأنه لا يصح دعوى اختصاصه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لقوله ( أو قد فعلوها ) وأما حديث ابن عمر وجابر فقد قررنا لك أن فعله لا يعارض القول الخاص بالأمة .
وقوله لا تستقبلوا لا تستدبروا من الخطابات الخاصة بهم فيكون فعله بعد القول دليل الاختصاص به لعدم شمول ذلك الخطاب له بطريق الظهور ولا صيغة تكون فيه النصوصية عليه وهذا قد تقرر في الأصول ولم يذهب إلى خلافه أحد من أئمته الفحول ولكن الشأن في صحة هذا الحديث وارتفاعه إلى درجة الاعتبار وأين هو من ذاك فالإنصاف الحكم بالمنع مطلقا والجزم بالتحريم حتى ينتهض دليل يصلح للنسخ أو التخصيص أو المعارضة ولم نقف على شيء من ذلك إلا أنه يؤنس بمذهب من خص المنع بالفضاء ما سيأتي عن ابن عمر من قوله إنما نهى عن هذا في الفضاء بالصيغة القاضية بحصر النهي عليه وسيأتي ما فيه