- الحديث أخرجه البخاري ولفظه عن رفاعة بن رافع الزرقي قال : ( كنا نصلي يوما وراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال : سمع الله لمن حمده فقال رجل من ورائه : ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال : من المتكلم قال : أنا قال : رأيت بضعا وثلاثين ملكا يبتدونها أيهم يكتبها أول ) ولم يذكر العطاس ولا زاد ( كما يحب ربنا ويرضى ) وزاد أن ذلك عند الرفع من الركوع فيجتمع بين الروايتين بأن الرجل المبهم في رواية البخاري هو رفاعة كما في حديث الباب ولا مانع أن يكني عن نفسه إما لقصد إخفاء عمله أو لنحو ذلك ويجمع أيضا بأن عطاسه وقع عند رفع رأسه .
قوله ( بضع ) البضع ما بين الثلاث إلى التسع أو إلى الخمس أو ما بين الواحد إلى الأربعة أو من أربع إلى تسع أو سبع . كذا في القاموس . قال الفراء : ولا يذكر البضع مع العشرين إلى التسعين وكذا قال الجوهري . والحديث يرد ذلك .
قوله ( أيهم يصعد بها ) في رواية البخاري ( يكتبها ) وفي رواية الطبراني ( يرفعها ) قال الحافظ : وأما أيهم فرويناه بالرفع وهو مبتدأ خبره يكتبها ويحوز النصب بتقدير ينظرون أيهم . وعن سيبويه أي موصولة والتقدير الذي هو يكتبها .
( وقد استشكل ) تأخير رفاعة إجابة النبي [ ص 371 ] صلى الله عليه وآله وسلم حتى كرر سؤاله ثلاثا مع أن إجابته واجبة عليه بل وعلى من سمع رفاعة فإنه لم يسأل المتكلم وحده .
وأجيب بأنه لما لم يعين واحدا بعينه لم تتعين المبادرة بالجواب من المتكلم ولا من واحد بعينه وكأنهم انتظروا بعضهم ليجيب وحملهم على ذلك خشية أن يبدو في حقه شيء ظنا منهم أنه أخطأ فيما فعل ورجوا أن يقع العفو عنه وكأنه صلى الله عليه وآله وسلم لما رأى سكوتهم فهم ذلك فعرفهم أنه لم يقل بأسا .
( والحديث ) استدل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور . وعلى جواز رفع الصوت بالذكر وتعقب بأن سماعه صلى الله عليه وآله وسلم لصوت الرجل لا يستلزم رفعه لصوته وفيه نظر . ويدل أيضا على مشروعية الحمد في الصلاة لمن عطس . ويؤيد ذلك عموم الأحاديث الواردة بمشروعيته فإنها لم تفرق بين الصلاة وغيرها