[ ص 353 ] - الحديث قد تقدم شرح ألفاظه في الباب الأول وساقه المصنف ههنا للاستدلال به على مشروعية قيام الإمام من موضعه الذي صلى فيه بعد سلامه وقد ذهب بعض المالكية إلى كراهة المقام للإمام في مكان صلاته بعد السلام . ويؤيد ذلك ما أخرجه عبد الرزاق من حديث أنس قال : ( صليت وراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكان ساعة يسلم يقوم ثم صليت وراء أبي بكر فكان إذا سلم وثب فكأنما يقوم عن رضفة ) ويؤيده أيضا ما سيأتي في باب لبث الإمام أنه كان يمكث صلى الله عليه وآله وسلم في مكانه يسيرا قبل أن يقوم لكي ينصرف النساء فإنه يشعر بأن الإسراع بالقيام هو الأصل والمشروع وقد عورض هذا بما تقدم من الأحاديث الدالة على استحباب الذكر بعد الصلاة وأنت خبير بأنه لا ملازمة بين مشروعية الذكر بعد الصلاة والقعود في المكان الذي صلى المصلي تلك الصلاة فيه لأن الامتثال يحصل بفعله بعدها سواء كان ماشيا أو قاعدا في محل آخر نعم ما ورد مقيدا نحو قوله ( وهو ثان رجليه ) وقوله ( قبل أن ينصرف ) كان معارضا ويمكن الجمع بحمل مشروعية الإسراع على الغالب كما يشعر به لفظ كان أو على ما عدا ما ورد مقيدا بذلك من الصلوات أو على أن اللبث مقدار الإتيان بالذكر المقيد لا ينافي الإسراع فإن اللبث مقدار ما ينصرف النساء ربما اتسع لأكثر من ذلك