- الحديث ذكره الترمذي في الدعوات وزاد فيه النسائي بعد قوله ( وألف بالميزان قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فأيكم يعمل في يوم وليلة ألفين وخمسمائة سيئة قيل : يا رسول الله وكيف لا يحصيها قال : إن الشيطان يأتي أحدكم وهو في صلاته يقول اذكر كذا اذكر كذا ويأتيه عند منامه فينيمه ) .
قوله ( خصلتان ) هما المفسرتان بقوله في الحديث ( يسبح الله ) وبقوله ( وإذا آوى إلى فراشه ) .
قوله ( يسبح الله في دبر كل صلاة عشرا ) اعلم أن الأحاديث وردت بأعداد مختلفة في التسبيح والتكبير والتحميد وسنشير ههنا إليها : .
( أما التسبيح ) فورد كونه عشرا كما في حديث الباب وحديث أنس عند الترمذي والنسائي وحديث سعد بن أبي وقاص عند النسائي . وعلي بن أبي طالب عند أحمد وأم مالك الأنصارية عند الطبراني وورد ثلاثا وثلاثين كما في حديث ابن عباس عند الترمذي والنسائي وحديث كعب بن عجرة عند مسلم والترمذي والنسائي وحديث أبي هريرة عند الشيخين وحديث أبي الدرداء عند النسائي . وورد خمسا وعشرين كما في حديث زيد بن ثابت عند النسائي وعبد الله بن عمر عند النسائي أيضا . وورد إحدى عشرة كما في بعض طرق حديث ابن عمر عند البزار . وورد ستا كما في بعض طرق حديث أنس . وورد مرة كما في بعض طرق حديث أنس أيضا عند البزار . وورد سبعين كما في حديث أبي زميل عند الطبراني في الكبير وفي إسناده جهالة . وورد مائة كما في بعض طرق حديث أبي [ ص 348 ] هريرة عند النسائي وفيه يعقوب بن عطاء بن أبي رباح وهو ضعيف .
( وأما التكبير ) فورد كونه أربعا وثلاثين كما في حديث ابن عباس عند الترمذي والنسائي وحديث كعب بن عجرة عند مسلم والترمذي والنسائي وأبي الدرداء عند النسائي كما تقدم في التسبيح وأبي هريرة عند مسلم في بعض الروايات وأبي ذر عند ابن ماجه وابن عمر عند النسائي وزيد بن ثابت عند النسائي . وعن عبد الله بن عمرو عند الترمذي والنسائي . وورد ثلاثا وثلاثين من حديث أبي هريرة عند الشيخين . وعن رجل من الصحابة عند النسائي في عمل اليوم والليلة . وورد خمسا وعشرين كما في حديث زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر عند من تقدم في التسبيح خمس وعشرون . وورد إحدى عشرة كما في بعض طرق حديث ابن عمر عند البزار كما تقدم في التسبيح وعشرا كما في حديث الباب وعن أنس وسعد بن أبي وقاص وعلي وأم مالك عند من تقدم في تسبيح هذا المقدار ومائة كما في حديث من ذكرنا في تسبيح هذا المقدار وعند من تقدم .
( وأما التحميد ) فورد كونه ثلاثا وثلاثين وخمسا وعشرين وإحدى عشرة وعشرا ومائة كما في الأحاديث المذكورة في أعداد التسبيح وعند من رواها . وكل ما ورد من هذه الأعداد فحسن إلا أنه ينبغي الأخذ بالزائد فالزائد .
قوله ( فتلك خمسون ومائة باللسان ) وذلك لأن بعد كل صلاة من الصلوات الخمس ثلاثين تسبيحة وتحميدة وتكبيرة وبعد جميع الخمس صلوات مائة وخمسين وقد صرح بهذا النسائي في عمل اليوم والليلة من حديث سعد بن أبي وقاص بلفظ : ( ما يمنع أحدكم أن يسبح دبر كل صلاة عشرا ويكبر عشرا ويحمد عشرا فذلك في خمس صلوات خمسون ومائة ) ثم ساق الحديث بنحو حديث عبد الله بن عمر .
قوله ( وألف وخمسمائة في الميزان ) وذلك لأن الحسنة بعشرة أمثالها فيحصل من تضعيف المائة والخمسين عشر مرات ألف وخمسمائة .
قوله ( وألف بالميزان ) لمثل ما تقدم .
( والحديث ) يدل على مشروعية التسبيح والتكبير والتحميد بعد الفراغ من الصلاة المكتوبة وتكريره عشر مرات .
قال العراقي في شرح الترمذي : كان بعض مشايخنا يقول : إن هذه الأعداد الواردة عقب الصلاة أو غيرها من الأذكار الواردة في الصباح والمساء وغير ذلك إذا ورد لها عدد مخصوص مع ثواب مخصوص فزاد الآتي بها في أعدادها عمدا لا يحصل له ذلك الثواب الوارد على الإتيان بالعدد الناقص فلعل لتلك الأعداد حكمة وخاصية تفوت بمجاوزة تلك الأعداد وتعديها ولذلك نهى عن الاعتداء في الدعاء وفيما قاله نظر لأنه قد أتى [ ص 349 ] بالمقدار الذي رتب على الإتيان به ذلك الثواب فلا تكون الزيادة عليه مزيلة له بعد الحصول بذلك العدد الوارد .
وقد ورد في الأحاديث الصحيحة ما يدل على ذلك ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك ) الحديث . ولمسلم من حديث أبي هريرة قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه ) وقد يقال إن هذا واضح في الذكر الواحد الوارد بعدد مخصوص . وأما الأذكار التي يعقب كل عدد منها عدد مخصوص من نوع آخ كالتسبيح والتحميد والتكبير عقب الصلوات فقد يقال إن الزيادة في كل عدد زيادة لم يرد بها نص يقطع التتابع بينه وبين ما بعده من الأذكار وربما كان لتلك الأعداد المتوالية حكمة خاصة فينبغي أن لا يزاد فيها على العدد المشروع .
قال العراقي : وهذا محتمل لا تأباه النصوص الواردة في ذلك وفي التعبد بالألفاظ الواردة في الأذكار والأدعية كقوله صلى الله عليه وآله وسلم للبراء : ( قل ونبيك الذي أرسلت ) انتهى . وهذا مسلم في التعبد بالألفاظ لأن العدول إلى لفظ آخر لا يتحقق معه الامتثال . وأما الزيادة في العدد فالامتثال متحقق لأن المأمور به قد حصل على الصفة التي وقع الأمر بها وكون الزيادة عليه مغيرة له غير معقول . وقيل إن نوى عند الانتهاء إليه امتثال الأمر الوارد ثم أتى بالزيادة فقد حصل الامتثال وإن زاد بغير نية لم يعد ممتثلا