- قوله ( إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير ) فيه تعيين محل هذه الاستعاذة بعد التشهد الأخير وهو مقيد وحديث عائشة مطلق فيحمل عليه وهو يرد ما ذهب إليه ابن حزم من وجوبها في التشهد الأول وما ورد من الأذن للمصلي بالدعاء بما شاء بعد التشهد يكون بعد هذه الاستعاذة لقوله إذا فرغ .
قوله ( فليتعوذ ) استدل بهذا الأمر على وجوب الاستعاذة وقد ذهب إلى ذلك بعض الظاهرية وروي عن طاوس وقد ادعى بعضهم الإجماع على الندب وهو لا يتم مع مخالفة من تقدم والحق الوجوب إن علم تأخر هذا الأمر عن حديث المسيء لما عرفناك في شرحه .
قوله ( من أربع ) ينبغي أن يزاد على هذه الأربع التعوذ من المغرم والمأثم المذكورين في حديث عائشة .
قوله ( ومن عذاب القبر ) فيه رد على المنكرين لذلك من المعتزلة والأحاديث في هذا الباب متواترة .
قوله ( ومن فتنة المحيا والممات ) قال ابن دقيق العيد : فتنة المحيا ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتتان بالدنيا والشهوات والجهالات وأعظمها والعياذ بالله أمر الخاتمة عند الموت وفتنة الممات يجوز أن يراد بها الفتنة عند الموت أضيفت إليه لقربها منه ويكون المراد على هذا بفتنة المحيا ما قبل ذلك ويجوز أن يراد بها فتنة القبر وقد صح أنهم يفتنون في قبورهم . وقيل أراد بفتنة المحيا الابتلاء مع زوال الصبر وبفتنة الممات السؤال في القبر مع الحيرة كذا في الفتح .
قوله ( ومن شر المسيح الدجال ) قال أبو داود في السنن : المسيح مثقل الدجال ومخفف عيسى ونقل الفربري عن خلف بن عامر أن المسيح بالتشديد والتخفيف واحد ويقال للدجال ويقال لعيسى وأنه لا فرق بينهما . قال الجوهري في الصحاح : من قاله بالتخفيف فلمسحه الأرض ومن قاله بالتشديد فلكونه ممسوح العين . قال الحافظ : وحكي عن بعضهم بالخاء المعجمة في الدجال ونسب قائله إلى التصحيف . قال في القاموس والمسيح عيسى ابن مريم صلوات الله عليه لبركته قال وذكرت في اشتقاقه خمسين قولا في شرحي لمشارق الأنوار وغيره والدجال لشؤمه اه .
قوله ( من المغرم والمأثم ) في البخاري بتقديم المأثم على المغرم . والمغرم الدين يقال غرم بكسر الراء أي أدان قيل المراد به ما يستدل فيما لا يجوز أو فيما يجوز ثم يعجز عن أدائه ويحتمل أن يراد به ما هو أعم من ذلك وقد استعاذ صلى الله عليه [ ص 331 ] وسلم من غلبة الدين . وفي البخاري : ( أنه قال له صلى الله عليه وآله وسلم قائل : ما أكثر ما تستعيذ من المغرم فقال : إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف )