- الحديث احتج به طائفة من العلماء على أن الآل هم الأزواج والذرية ووجهه أنه أقام الأزواج والذرية مقام آل محمد في سائر الروايات المتقدمة . واستدلوا على ذلك بقوله تعالى { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } لأن ما قبل الآية وبعدها في الزوجات فأشعر ذلك بإرادتهن وأشعر تذكير المخاطبين بها بإرادة غيرهن . وبين هذا الحديث وحديث أبي هريرة الآتي من هم المرادون بالآية وبسائر الأحاديث التي أجمل فيها الآل ولكنه يشكل على هذا امتناعه صلى الله عليه وآله وسلم من إدخال أم سلمة تحت الكساء بعد سؤالها ذلك وقوله صلى الله عليه وآله وسلم عند نزول هذه الآية مشيرا إلى علي وفاطمة والحسن والحسين ( اللهم إن هؤلاء أهل بيتي ) بعد أن جللهم بالكساء . وقيل إن الآل هم الذين حرمت عليهم الصدقة وهم بنو هاشم .
ومن أهل هذا القول الإمام يحيى واستدل القائل بذلك بأن زيد بن أرقم فسر الآل بهم وبين أنهم آل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل العباس كما في صحيح مسلم والصحابي أعرف بمراده A فيكون تفسيره قرينة على التعيين .
وقيل إنهم بنو هاشم وبنو المطلب وإلى ذلك ذهب الشافعي وقيل فاطمة وعلي والحسنان وأولادهم . وإلى ذلك ذهب جمهور أهل البيت واستدلوا بحديث الكساء الثابت في صحيح مسلم وغيره وقوله A فيه : ( اللهم إن هؤلاء أهل بيتي ) مشيرا إليهم ولكنه يقال إن كان هذا التركيب يدل على الحصر باعتبار المقام أو غيره فغاية ما فيه إخراج من عداهم بمفهومه والأحاديث الدالة على أنهم أعم منهم كما ورد في بني هاشم وفي الزوجات مخصصة بمنطوقها لعموم هذا المفهوم . واقتصاره A على تعيين البعض عند نزول الآية لا ينافي إخباره بعد ذلك بالزيادة لأن الاقتصار [ ص 328 ] ربما كان لمزية للبعض أو قبل العلم بأن الآل أعم من المعنيين ثم يقال إذا كانت هذه الصيغة تقتضي الحصر فما الدليل على دخول أولاد المجللين بالكساء في الآل مع أن مفهوم هذا الحصر يخرجهم فإن كان إدخالهم بمخصص وهو التفسير بالذرية وذريته A هم أولاد فاطمة فما الفرق بين مخصص ومخصص . وقيل إن الآل هم القرابة من غير تقييد وإلى ذلك ذهب جماعة من أهل العلم . وقيل هم الأمة جميعا . قال النووي في شرح مسلم : وهو أظهرها قال : وهو اختيار الأزهري وغيره من المحققين اه وإليه ذهب نشوان الحميري إمام اللغة ومن شعره في ذلك : .
آل النبي هم أتباع ملته ... من الأعاجم والسودان والعرب .
لو لم يكن آله إلا قرابته ... صلى المصلي على الطاغي أبي لهب .
ويدل على ذلك أيضا قول عبد المطلب من أبيات : .
وانصر على آل الصلي ... ب وعابديه اليوم آلك .
والمراد بالصليب أتباعه .
( ومن الأدلة ) على ذلك قول الله تعالى { أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } لأن المراد بآله أتباعه واحتج لهذا القول بما أخرجه الطبراني أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما سئل عن الآل قال : ( آل محمد كل تقي ) وروي هذا من حديث علي ومن حديث أنس وفي أسانيدها مقال .
ويؤيد ذلك معنى الآل لغة فإنهم كما قال في القاموس أهل الرجل وأتباعه ولا ينافي هذا اقتصاره صلى الله عليه وآله وسلم على البعض منهم في بعض الحالات كما تقدم وكما في حديث مسلم في الأضحية ( اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ) فإنه لا شك أن القرابة أخص الآل فتخصيصهم بالذكر ربما كان لمزايا لا يشاركهم فيها غيرهم كما عرفت وتسميتهم بالأمة لا ينافي تسميتهم بالآل وعطف التفسير شائع ذائع كتابا وسنة ولغة على أن حديث أبي هريرة المذكور آخر هذا الباب فيه عطف أهل بيته على ذريته فإذا كان مجرد العطف يدل على التغاير مطلقا لزم أن تكون ذريته خارجة عن أهل بيته والجواب الجواب . ولكن ههنا مانع من حمل الآل على جميع الأمة وهو حديث : ( إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي ) الحديث وهو في صحيح مسلم وغيره فإنه لو كان الآل جميع الأمة لكان المأمور بالتمسك والأمر المتمسك به شيئا واحدا وهو باطل