- الحديث أخرجه أيضا ابن ماجه وابن خزيمة والبيهقي وهو طرف من حديث وائل المذكور في صفة صلاته صلى الله عليه وآله وسلم .
قوله ( ثم قعد فافترش رجله اليسرى ) استدل به من قال بمشروعية الفرش والنصب في الجلوس الأخير وقد تقدم تحقيق ذلك .
قوله ( ووضع كفه اليسرى على فخذه ) أي ممدودة غير مقبوضة قال إمام الحرمين ينشر أصابعها مع التفريج .
قوله ( وجعل حد مرفقه ) أي طرفه والمراد كما قال في شرح المصابيح أن يجعل عظم مرفقه كأنه رأس وتد . قال ابن رسلان : يرفع طرف مرفقه من جهة العضد عن فخذه حتى يكون مرتفعا عنه كما يرتفع الوتد عن الأرض ويضع طرفه الذي من جهة الكف على طرف فخذه الأيمن .
قوله ( ثم قبض ثنتين ) أي [ ص 318 ] إصبعين من أصابع يده اليمنى وهما الخنصر والبنصر .
قوله ( وحلق ) بتشديد اللام أي جعل إصبعيه حلقة والحلقة بسكون اللام جمعها حلق بفتحتين على غير قياس . وقال الأصمعي : الجمع حلق بكسر الحاء مثل قصعة وقصع .
قوله ( فرأيته يحركها ) قال البيهقي : يحتمل أن يكون مراده بالتحريك الإشارة بها لا تكرير تحريكها حتى لا يعارض حديث ابن الزبير عند أحمد وأبي داود والنسائي وابن حبان في صحيحه بلفظ : ( كان يشير بالسبابة ولا يحركها ولا يجاوز بصره إشارته ) قال الحافظ : وأصله في مسلم دون قوله ( ولا يجاوز بصره إشارته ) انتهى . وليس في مسلم من حديث ابن الزبير إلا الإشارة دون قوله ولا يحركها وما بعده . ومما يرشد إلى ما ذكره البيهقي رواية أبي داود لحديث وائل فإنها بلفظ : ( وأشار بالسبابة ) .
وقد ورد في وضع اليمنى على الفخذ حال التشهد هيئات هذه إحداها . والثانية ما أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمر : ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا جلس في الصلاة وضع يده اليمنى على ركبته اليمنى وعقد ثلاثة وخمسين وأشار بالسبابة ) . والثالثة قبض كل الأصابع والإشارة بالسبابة كما في حديث ابن عمر الذي سيذكره المصنف . والرابعة ما أخرجه مسلم من حديث ابن الزبير بلفظ : ( كان رسول الله A إذا قعد يدعو وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى وأشار بإصبعه السبابة ووضع إبهامه على إصبعه الوسطى ويلقم كفه اليسرى ركبته ) . والخامسة وضع اليد اليمنى على الفخذ من غير قبض والإشارة بالسبابة وقد أخرج مسلم رواية أخرى عن ابن الزبير تدل على ذلك لأنه اقتصر فيها على مجرد الوضع والإشارة . وكذلك أخرج عن ابن عمر ما يدل على ذلك كما سيأتي . وكذلك أخرج أبو داود والترمذي من حديث أبي حميد بدون ذكر القبض اللهم إلا أن تحمل الرواية التي لم يذكر فيها القبض على الروايات التي فيها القبض حمل المطلق على المقيد .
وقد جعل ابن القيم في الهدي الروايات المذكورة كلها واحدة قال : فإن من قال قبض أصابعه الثلاث أراد به أن الوسطى كانت مضمومة ولم تكن منشورة كالسبابة ومن قال قبض اثنتين أراد أن الوسطى لم تكن مقبوضة مع البنصر بل الخنصر والبنصر متساويتان في القبض دون الوسطى . وقد صرح بذلك من قال : وعقد ثلاثا وخمسين فإن الوسطى في هذا العقد تكون مضمومة ولا تكون مقبوضة مع البنصر انتهى .
( والحديث ) يدل على استحباب وضع اليدين على الركبتين حال الجلوس للتشهد وهو مجمع عليه . [ ص 319 ] قال أصحاب الشافعي : تكون الإشارة بالإصبع عند قوله إلا الله من الشهادة . قال النووي : والسنة أن لا يجاوز بصره إشارته وفيه حديث صحيح في سنن أبي داود ويشير بها موجهة إلى القبلة وينوي بالإشارة التوحيد والإخلاص . قال ابن رسلان : والحكمة في الإشارة بها إلى أن المعبود سبحانه وتعالى واحد ليجمع في توحيده بين القول والفعل والاعتقاد . وروي عن ابن عباس أنه قال : هي الإخلاص وقال مجاهد : مقمعة الشيطان