- قوله ( إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم ) فيه أن التكبير يكون مقارنا لحال القيام وأنه لا يجزئ من قعود . وقد اختلف في وجوب تكبيرة الإحرام وقد قدمنا الكلام على ذلك .
قوله ( ثم يقول وهو قائم ربنا ولك الحمد ) فيه متمسك لمن قال إنه يجمع بين التسميع والتحميد كل مصل من غير فرق بين الإمام والمؤتم والمنفرد وهو الشافعي ومالك وعطاء وأبو داود وأبو بردة ومحمد بن سيرين وإسحاق وداود قالوا : إن المصلي إذا رفع رأسه من الركوع يقول في حال ارتفاعه سمع الله لمن حمده فإذا استوى قائما يقول ربنا ولك الحمد .
وقال الإمام يحيى والثوري والأوزاعي وروي عن مالك : إنه يجمع بينهما الإمام والمنفرد ويحمد المؤتم . وقال أبو يوسف ومحمد : يجمع بينهما الإمام والمنفرد أيضا [ ص 278 ] ولكن يسمعل المؤتم . وقال الهادي والقاسم وأبو حنيفة : إنه يقول الإمام والمنفرد سمع الله لمن حمده فقط والمأموم ربنا لك الحمد فقط وحكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وأبي هريرة والشعبي ومالك وأحمد قال وبه أقول انتهى . وهو مروي عن الناصر .
( احتج القائلون ) بأنه يجمع بينهما كل مصل بحديث الباب ولكنه أخص من الدعوى لأنه حكاية لصلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إماما كما هو المتبادر والغالب إلا أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) يدل على عدم اختصاص ذلك بالإمام .
( واحتجوا أيضا ) بما نقله الطحاوي وابن عبد البر من الإجماع على أن المنفرد يجمع بينهما وجعله الطحاوي حجة لكون الإمام يجمع بينهما فيلحق بهما المؤتم لأن الأصل استواء الثلاثة في المشروع في الصلاة إلا ما صرح الشرع باستثنائه .
( واحتجوا ) أيضا بما أخرجه الدارقطني عن بريدة قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يا بريدة إذا رفعت رأسك من الركوع فقل سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد ) وظاهره عدم الفرق بين كونه منفردا أو إماما أو مأموما ولكن سنده ضعيف . وبما أخرجه أيضا عن أبي هريرة قال : ( كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال سمع الله لمن حمده قال من ورائه سمع الله لمن حمده ) .
( احتج القائلون ) بأنه يجمع بينهما الإمام والمنفرد ببعض هذه الأدلة .
( واحتج القائلون ) بأن الإمام والمنفرد يقولان سمع الله لمن حمده فقط والمأموم ربنا لك الحمد فقط بحديث أبي هريرة : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال إنما جعل الإمام ليؤتم به ) وفيه ( وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد ) أخرجه الشيخان وأخرجا نحوه من حديث عائشة وقد تقدم نحو ذلك في باب التكبير للركوع والسجود من حديث أبي موسى وسيأتي نحوه من حديث أنس . ويجاب بأن أمر المؤتم بالحمد عند تسميع الإمام لا ينافي فعله له كما أنه لا ينافي قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( إذا قال الإمام ولا الضالين فقولوا آمين ) قراءة المؤتم للفاتحة وكذلك أمر المؤتم بالتحميد لا ينافي مشروعيته للإمام كما لا ينافي أمر المؤتم بالتأمين تأمين الإمام وقد استفيد التحميد للإمام والتسميع للمؤتم من أدلة أخرى هي المذكورة سابقا والواو في قوله ( ربنا ولك الحمد ) ثابتة في أكثر الروايات وقد قدمنا أنها زيادة فيكون الأخذ بها أرجح لا كما قال النووي إنه لا ترجيح لإحدى الروايتين على الأخرى وهي عاطفة على مقدر بعد قوله ربنا وهو استجب كما قال ابن دقيق العيد أو حمدناك كما قال النووي أو الواو [ ص 279 ] زائدة كما قال أبو عمر بن العلاء أو للحال كما قال غيره . وروي عن أحمد بن حنبل أنه إذا قال ربنا قال ولك الحمد وإذا قال اللهم ربنا قال لك الحمد . قال ابن القيم : لم يأت في حديث صحيح الجمع بين لفظ اللهم وبين الواو . وأقول قد ثبت الجمع بينهما في صحيح البخاري في باب الصلاة للقاعد من حديث أنس بلفظ ( وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا ولك الحمد ) وقد تطابقت على هذا اللفظ النسخ الصحيحة من صحيح البخاري .
قوله ( ثم يكبر حين يهوي ) فيه أن التكبير ذكر الهوي فيبتدئ به من حين يشرع في الهوي بعد الاعتدال إلى حين يتمكن ساجدا .
قوله ( وفي رواية لهم ) يعني البخاري ومسلما وأحمد لأن المتفق عليه في اصطلاحه هو ما أخرجه هؤلاء الثلاثة كما تقدم في أول الكتاب لا ما أخرجه الشيخان فقط كما هو اصطلاح غيره .
( والحديث ) يدل على مشروعية تكبير النقل وقد قدمنا الكلام عليه مستوفى