- الحديث أخرجه أيضا مسلم . قوله ( يسأل ) أي الرحمة . قوله ( تعوذ ) أي من العذاب وشر العقاب . قال ابن رسلان : ولا بآية تسبيح إلا سبح وكبر ولا بآية دعاء واستغفار إلا دعا واستغفر وإن مر بمرجو سأل يفعل ذلك بلسانه أو بقلبه .
( والحديث ) يدل على مشروعية هذا التسبيح في الركوع والسجود وقد ذهب الشافعي ومالك وأبو حنيفة وجمهور العلماء من أئمة العترة وغيرهم إلى أنه سنة وليس بواجب . وقال إسحاق بن راهويه : التسبيح واجب فإن تركه عمدا بطلت صلاته وإن نسيه لم تبطل . وقال الظاهري : واجب مطلقا [ ص 272 ] وأشار الخطابي في معالم السنن إلى اختياره . وقال أحمد : التسبيح في الركوع والسجود وقول سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد والذكر بين السجدتين وجميع التكبيرات واجب فإن ترك منه شيئا عمدا بطلت صلاته وإن نسيه لم تبطل ويسجد للسهو هذا هو الصحيح عنه وعنه رواية أنه سنة كقول الجمهور وقد روي القول بوجوب تسبيح الركوع والسجود عن ابن خزيمة .
( احتج الموجبون ) بحديث عقبة بن عامر الآتي بقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) وبقول الله تعالى { وسبحوه } ولا وجوب في غير الصلاة فتعين أن يكون فيها وبالقياس على القراءة .
( واحتج الجمهور ) بحديث المسيء صلاته فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علمه واجبات الصلاة ولم يعلمه هذه الأذكار مع أنه علمه تكبيرة الإحرام والقراءة فلو كانت هذه الأذكار واجبة لعلمه إياها لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز فيكون تركه لتعليمه دالا على أن الأوامر الواردة بما زاد على ما علمه للاستحباب لا للوجوب .
( والحديث ) يدل على أن التسبيح في الركوع والسجود يكون بهذا اللفظ فيكون مفسرا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث عقبة ( اجعلوها في ركوعكم اجعلوها في سجودكم ) وإلى ذلك ذهب الجمهور من أهل البيت وبه قال جميع من عداهم . وقال الهادي والقاسم والصادق أنه سبحان الله العظيم وبحمده في الركوع وسبحان الله الأعلى وبحمده في السجود . واستدلوا بظاهر قوله { فسبح باسم ربك العظيم } و { سبح اسم ربك الأعلى } وقد أمر A بجعل الأولى في الركوع والثانية في السجود كما سيأتي في حديث عقبة ولكنه لا يتم إلا على فرض أنه ليس لله جل جلاله إلا اسم واحد وقد تقرر أن له تسعة وتسعين اسما بالأحاديث الصحيحة وأن له أسماء متعددة بصريح القرآن { ولله الأسماء الحسنى } فامتثال ما في الآيتين يحصل بالمجيء بأي اسم منها مثل سبحان ربي وسبحان الله وسبحان الأحد وغير ذلك لكنه قد ورد من فعله صلى الله عليه وآله وسلم ما يدل على بيان المراد من ذلك كحديث الباب وغيره وكذلك ورد من قوله ما يدل على ذلك كحديث ابن مسعود الآتي فتعين أن لفظ الرب هو المراد .
وبهذا يندفع ما ألزم به صاحب البحر من تلاوة لفظ الآيتين في الركوع والسجود وأما زيادة وبحمده فهي عند أبي داود من حديث عقبة الآتي وعند الدارقطني من حديث ابن مسعود الآتي أيضا . وعنده أيضا من حديث حذيفة . وعند أحمد والطبراني من حديث أبي مالك الأشعري وعند الحاكم من حديث أبي جحيفة [ ص 273 ] ولكنه قال أبو داود بعد إخراجه لها من حديث عقبة أنه يخاف أن لا تكون محفوظة . وفي حديث ابن مسعود السري بن إسماعيل وهو ضعيف . وفي حديث حذيفة محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو ضعيف . وفي حديث أبي مالك شهر بن حوشب وقد رواه أحمد والطبراني أيضا من طريق ابن السعدي عن أبيه بدونها . وحديث أبي جحيفة قال الحافظ : إسناده ضعيف وقد أنكر هذه الزيادة ابن الصلاح وغيره ولكن هذه الطرق تتعاضد فيرد بها هذا الإنكار . وسئل أحمد عنها فقال أما أنا فلا أقول وبحمده انتهى